الخميس 2024-12-12 10:34 ص
 

هرايس

06:36 ص

زمان حين كنت فتيا , واذهب إلى الكرك ..كان يثير انتباهي صراخ شخص في مقتبل العمر يحمل (صينية) ويطوف بها ويصرخ على الناس :- (هرايس هرايس هرايس) .اضافة اعلان

أنا اصلا لم استصغ تلك المهنة أبدا ناهيك عن أنك إذا تورطت بقطعة (هرايس) من هذا البائع فربما تصاب بحالة غثيان أثناء عودة الباص للكرك , والسائق لايرحم ..ويرفض التوقف ...وحتى يقنعك بائع (الهرايس) بالمنتج العبقري ...فإنه يقوم بوضع كيس من النايلون على (الصينيه) ويثبته بملاقط غسيل ...وهذه إشاره إلى أن الأخ مهتم بالنظافة .
منذ طفولتي وأنا ارى هذا الشخص في مجمع باصات الجنوب لم يتغير لا بنبرة الصوت ولا بالحضور ولا حتى الصينية تغيرت , وأحيانا كانت تندلع بعض المشاجرات الصغيرة وبحكم أنه حاضر دوما ويعرف الجميع كانت (الصينية) التي يطوف بها تستعمل كأداة للضرب ...
وللعلم كان صدره واسعا , وأحيانا حين كانت الباصات تنتظر تحميل الركاب كان يصعد إلى الباص في محاوله منه لإغواء الركاب وبيعهم ولم يكن يأبه لصراخ السائق حين يقول له :- (امشي انقلع من هون) ....المهم أن يبيع ولو قطعة من المنتج .
هي الوظيفة الوحيدة التي لايحتاج فيها مكتب ولا دفتر فواتير ولاحساب الصادر والخارج والمهم أنه لايدفع ضرائب أو مسقفات....
كانت تتشعب مهامه فأحيانا كان يرسله سائق الباص لشراء دخان وفي بعض المرات لشراء الماء وحين كان الباص يتعطل ويحتاج لدفشه , كان يتقدم من تلقاء نفسه ويقوم بدفشه دون أن يطلب منه .
أنا في حياتي لم أقدم عبر هذا المقال (هرايس) , أنا لست (بائع ) هرايس ...بمعنى أدق ما يحدث في الرأي ...هو أزمة عقلية رسمية تتعامل مع الكاتب والصحفي والفني بمنطق بائع (هرايس) في كراج باصات .
والعقليه يجب أن تتجاوز منطق سائق الباص (الكوستر) الذي يقع همه في إيصال الحمولة فقط .
بمعنى أخر للحرف والكلمه حضور ودلاله وحين كانت تفشل الحكومات في الدفاع عن مشروع الدولة وموقفها كانت الرأي تتولى ذلك بحكم أنها وجدان الناس وتعبيرهم .
أنا اشرح الواقع فقط ..واقسى شيء أن تكتشف بعد (20) عاما من العمل في هذه المهنه أن الحكومات تنظر لك بمثل ما كنا ننظر لبائع (الهرايس) في مجمع الباصات ...


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة