السبت 2024-12-14 04:31 ص
 

هل «أصابَتْ» .. موسكو ؟

07:50 ص

تؤشر الضجّة الصاخِبة التي ما تزال تصم الاذان وتشكّل مادة دسمة لبعض وسائل الاعلام العربية (والتركِّية) وأُخرى للفصائل الُمسلَّحة التي تأتمر بعواصم اقليمية,بدت مؤخراً وكأنها قد أُخرِجَت من ساحة التأثير والفاعلية, بعد الهزائم التي لحقت بأدواتها الى الاراضي السورية وانحسار وجودها الميداني, وارتفاع منسوب الخلافات في صفوفها وصولاً الى الإقتتال والتصفية المُتبادَلة, المحمولة على اتهامات بالتخوين والتآمر «وبيع» الثورة..أنها (الضجّة) مُرشّحة للإستمرار, وبخاصة ان هؤلاء جميعاً قد بدأوا الاستثمار في «قضِيَّة|» مشروع الدستور الروسي المُقترَح لسوريا, والذي كُشِف النقاب عنه في الساعات الاخيرة لمنصة استانا, حيث جرت محادثات على مدى يومين بين وفد الحكومة الشرعية السورية ووفد سبعة فصائل مسلحة, التأمت بهدف تثبيت وقف اطلاق النار وانتهت الى اتفاق الرعاة الثلاثة على تحديد الاليات اللازمة لتثبيت وقف اطلاق النار والتمهيد لانعقاد «نُسخَة» جديدة من مؤتمر جنيف.اضافة اعلان


الضجة المُفتعَلة في معظم فصولها, وفرَّتها موسكو – في ما نحسب – لأطراف المعارَضة السورية وبخاصة تلك التي فقدت جزءاً حيوياً من دورها بعد تحرير حلب, والاستدارة التركية (التي لم تتوقف حتى الان, رغم كل المناورات المكشوفة التي تقوم بها انقرة وبخاصة مع وصول ترامب الى السلطة وحديثه الذي «لم يتكرّر» عن إقامة منطقة آمنة داخل سوريا, عندما رحّبت انقرة بحرارة بهذا المقترح, ثم لاذ الجميع بالصمت, بعد ان اعلنت موسكو ان احداً لم يتشاور معها حول هذا الموضوع, ما عنى انها.. تُعارِضه) ثم نجاح موسكو وانقرة وطهران في «جذب» سبعة فصائل الى استانا دون اي مشاركة لمن يَصِفون انفسهم زوراً, بـِ»المعارَضة الحقيقية» او المعارضة «الشرعية» المزعومة التي تحتكرها الهيئة العيا للتفاوض وائتلاف اسطنبول.

نقول: الضجة العالية هذه, وفرّها المُقترَح الروسي,عندما سعى المُمثِّل الروسي في منصة استانا, الى تسليم نُسَخ منه الى وفديّ الحكومة والفصائل المُسلحة بعد انتهاء الجلسات, خرج بعدها محمد علوش رئيس وفد الفصائل لِيَزعُم أنه «رفض» استلام المشروع بذريعة انه جاء والوفد المرافق, كي يناقشوا تثبيت وقف اطلاق النار وليس أي شيء آخر.

هنا...اهتبلت المُعارَضات المُستبعَدة, او لِنقُل الآخذ دورها وتأثيرها بالتقلص والتراجع, «الفرصة» للإمساك بـِ»قميص» المشروع الروسي وتدشين حملة تشويه وشيطنة لـِ»اهداف» موسكو من وراء هذا المشروع المُقترَح, والترويج بِأن اهداف موسكو «الحقيقية» هي التَحكُّم بصياغة «شكل الحكم» في سوريا ونزع «العروبة» عنها بازالة كلمة عربية من اسمها, فضلاً (وهذا من عِنديَّات المُعارَضات) عن مسعى روسي واضح لتغيير حدود سوريا, بل ذهب البعض في تفسيراته العدائَية بالطبع, الى القول: بأن «اخطر» بنود المشروع الروسي, هو ان موسكو «تضمن» بقاء الاسد في السطلة لمدة عقدين قادمين (18 عاماً).

لا حاجة بالطبع الى صرف النظر عن آثار وتداعيات هذه الضجة المُغرِضة في اهدافها, مِن وراء منح الاولوية لمسألة الدستور الروسي المُقترَح, والعمل على تضخيم الامر وتصويره كما ذهب احدهم وكأنه «نسخة» عن مشروع «بريمر» الاميركي للدستور العراقي, الى ان غدت «لازمة» تتكرّر في كل تصريحات «المُعارَضات» ومن تقف خلفها من عواصم اقليمية عربية وتركية, بأن «السوريين قادرون على كتابة دستورهم عندما تتهيأ الظروف, ولا حاجة بهم لدساتير تُكتَب من قِبَل اي دولة».

لم يُناقِش احد او يطعن في صحة المقولة الاخيرة, كونها جزءاً اساس من السيادة الوطنية لأي دولة ولأي شعب, الاّ انه حق يُراد به باطل, فما قدمه الروس, لا يعود كونه «مُقترَحاً»... ليس الا, وهو وكما قال لافروف: مشروع سيُساعِد على تطوير النِقاش والحوار, وهو ايضاً – وِفق لافروف – محاولة لجمع وتحديد النقاط المُشترَكة, وبلاده لا تحاول فرض اقتراحاتها على احد.

كل هذه التفسيرات الروسِيّة, جرى الطمس عليها او تجاوزها, وتَمسَّك كذابو الزفة, بِترّهات ظنوا انها تدعم خطابهم أو تُسهم في تضليل الجمهورَيْن السوري والعربي, وبما يرفع من اسهمهم وارصدتهم المُتدنِية, على نحو يريدون من ورائها جني المزيد من المكاسب السياسية والحؤول دون ذهابهم الى صحراء العزلة وفقدان الدور, بعد ان اكدت مباحثات استانا ان «لا حل عسكريا للأزمة», وبعد أن حسم لافروف مسألة التمثيل عندما قال «اننا لن نقبل اي تحفُظات من قِبَلِ (مجموعة الرياض) للمعارضة السورية, وبخاصة انهم كانوا يتحدثون عن عدم امكانية الجلوس حول طاولة المفاوضات على خلفية استمرار القتال, والان – والقول للوزير الروسي – توقَّف القتال ودخلت الهدنة حيز التنفيذ, لذلك لا يمكن ان تكون هناك اي تحفظات من قِبلِهم».

في السطر الاخير... أياً تكن رداءة وتفاهة رطانة المُعارَضات السورية ورأيها حول مشروع الدستور السوري المقترح من قِبل روسيا, كنقاش بين الافرقاء السوريين, اصحاب الحق الوحيد في كتابة دستور بلادهم والتوافق عليه وطرحه للاستفتاء الشعبي, فإن من غير التسرُّع الاستنتاج بأن موسكو لم تُصِب نجاحاً عندما طرحت هذا «المشروع», وكان الحرِيّ بها ان تتريث وتترك الامور الى مرحلة لاحقة للتدخُّل, عبر تقريب وجهات النظر, حتى لا تمنح ريح اسناد لِأشرعة المعارِضين (خصوصاً المُتأسلمين منهم) وخطابِهم الظلامي الذي لم يتراجعوا عنه, بدفع وتحريض من عواصم عربية واقليمية وعلى رأسها تركيا .


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة