الخميس 2024-12-12 03:42 ص
 

وجه آخر لسيّد قطب!

11:50 ص

الصورة ا?نطباع?ة المباشرة السائدة عن س?د قطب، في أوساط ثقاف?ة عرب?ة وغرب?ة، تتمّثل في أنّه 'ا?باضافة اعلان

الروحي' للت?ار الراديكالي ا?س?مي، والمدّشن لمفھوم الحاكم?ة (مع أبي ا?على المودودي). إ?ّ أّن ھذه
الصورة تختزل جوانب مھمة ورئ?سة من فكره وأدبه، وتتغافل تمامًا عن 'الشرط التاريخي' الذي أّسس ف?ه
ل?يديولوج?ا الثورية ا?س?م?ة، ويتمّثل في لحظة المواجھة الحاّدة ب?ن 'الجماعة ا?س?م?ة' والضباط ا?حرار
في مصر، وانح?از قطب -المّقرب في البدايات من مجلس ق?ادة الثورة- للجماعة، بعدما شعر بأّن ھنالك نذر
'محنة' قاس?ة قادمة لھا.
الوظ?فة التاريخ?ة لـ'أيديولوج?ا الحاكم?ة'، ضمن معط?ات تلك اللحظة، تمّثلت في مھمت?ن أساس?ت?ن:
المھمة ا?ولى؛ تقديم إجابات لـ'ا?خوان' عن أسئلة المحنة وا?بت?ء والسجون والمعتق?ت التي واجھوھا مع
الحكم الناصري، مع انفضاض الشارع عنھم. وھو الجانب الذي لم يكن ا?مام حسن البنا (مؤسس الجماعة) قد
فّصل ف?ه كث?رًا، ما خلق فراغًا فكريًا كب?رًا حاول قطب م?ه من خ?ل القول بـ'حتم?ة' المواجھة والصراع ما ب?ن
ا?س?م والجاھل?ة، لتفس?ر مرحلة السجون والتعذيب وا?عدامات والقتل، وحماية تماسك مشروع الجماعة
وتمك?ن أفرادھا من الصمود في ھذه 'المحنة'.
أما المھمة الثان?ة؛ فھي 'نزع القداسة' عن الحكم ا?ستبدادي، وخلع لباس المشروع?ة الدين?ة والس?اس?ة
عنه، عبر خلق حالة من التصادم ب?نه وب?ن العق?دة نفسھا والتوح?د، بالقول بأّن من لم يحّكم الشريعة
ا?س?م?ة ھو حاكم كافر، حتى وإن رفع شعارات العدالة والقوم?ة وغ?رھا.
بالضرورة، ھذا التأك?د على الحاكم?ة -في س?اق المواجھة الس?اس?ة والفكرية مع الحكم الناصري- ولّد في
المقابل فھمًا مغلقًا ومتعّسفًا لدى ج?ل جديد من الشباب ا?س?مي، الذين أخذوا ك?مه في أيديولوج?ا
الحاكم?ة بع?دًا عّما أّسسه البنا، أو عن المشروع ا?ص?حي لجماعة ا?خوان؛ وذھبوا نحو خطاب أكثر تطرفًا
وتشددًا دين?ًا وفكريًا وس?اس?ًا، ثم وصلوا مع عبدالس?م فرج إلى القول بـ'الفريضة الغائبة'، أي الطريق
المسلّحة لتطب?ق المشروع ا?س?مي، وھو ما تفّرع ?حقًا وتشّعب حتى وصلنا ال?وم إلى 'السلف?ة الجھادية'
و'القاعدة'.
بالرغم من ذلك، فإّن الركائز الرئ?سة لمشروع س?د قطب لم تكن تذھب بھذا ا?تجاه، ولوُقدر لنا أن نتخ?ّل
الرجل ال?وم، لما تصّورنا أنّه س?كون زع?مًا من زعماء السلف?ة الجھادية، أو 'القاعدة'، وإنّما قائدًا مناضً? من
أجل تحق?ق الحريات والتوف?ق ب?نھا وب?ن مبادئ الشريعة ا?س?م?ة وق?مھا، خارج س?اق الشرط التاريخي
الذي ظلم فكره، وضغط على ھذا ا?ديب والمثقف ا?لمعي 'وجدان?ًا' لتفس?ر الظلم الواقع على الجماعة،
ومحاولة خلق آفاق من ا?مل بالحرية والتغ??ر ?بنائھا! جوھر فكر قطب يتمّثل في تكس?ر ثقافة ألوھ?ة الحكام
وتقديسھم، وفي الوقت نفسه رفض 'الحلول الترق?ع?ة' لتجم?ل النظم ا?ستبدادية، وا?صرار على التغ??ر
الكامل والجذري ?ستكمال مفھوم الحرية الس?اس?ة للمجتمعات العرب?ة، عبر 'مبدأ المفاصلة'. ولعل ھذا
البعد المھم من أبعاد الخطاب القطبي، ھو ما يتجلّى ال?وم في ثورات الشعوب العرب?ة ضد ا?ستبداد
والدكتاتورية، وإع?ن الثورة على ثقافة الخنوع والخوف، وھو وجه مشرق واستشرافي لھذا المفكر المظلوم.
ھل كان س?د قطب يؤّسس لدكتاتورية إس?م?ة على أنقاض الدكتاتورية العرب?ة، مثً?؟
من يقرؤه ج?دًا ويمعن النظر في فكره وأدبه، يدرك تمامًا أنّه أبعد ما يكون عن ذلك، وما تحّفظه على مصطلح
الديمقراط?ة إ?ّ جزء من س?اق حرصه على ا?ستق?ل الحضاري في النظم والثقافة والسلوك، لكّن أفكاره
وخطابه وح?اتهُكِّرست لمفھوم الحرية والعدالة ا?جتماع?ة والصراع مع الفساد وا?ستبداد، عبر كتبه المعروفة؛
فھو مرّكب من ثقافات إس?م?ة وتحررية وثورية، ما ب?ن 'العدالة ا?جتماع?ة' و'الصراع مع الرأسمال?ة' و'معالم
في الطريق'، ف? يجوز اختزال فكر الرجل وحضوره فيُبعٍد واحد!


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة