الجمعة 2024-12-13 01:56 م
 

وعد الربيع الذي سرق القلوب .. !

07:28 ص

على هامش الهزات الإرتدادية لزلازل الربيع العربي , ثمة حلقة ضائعة , وهي ذاتها التي أعادت الناس في مصر وستعيدهم في غيرها الى الشوارع وهي اختفاء الحلول الإقتصادية .اضافة اعلان

لم تقدم أنظمة ما بعد الربيع حلولا اقتصادية تعكس رؤيتها وتجعلنا نترحم على ما سبقها وهي السياسات التي لم ترفضها فحسب بل وسمت كل من نفذها بالفساد .
إن قراءة سريعة للسياسات الإقتصادية التي اتبعتها الأنظمة التي اعتلت سدة الحكم بفضل الربيع , نجد أنها استنساخ مطابق لسياسات اتبعتها الأنظمة البائدة باختلاف لم يتجاوز الألفاظ والتعابير التي عبرت عن تعهدات مل الشارع تكرارها في العدالة الإقتصادية والتنمية وتحسين الأوضاع الإجتماعية , ولا اختلاف حول هذه النتيجة سواء من تسيد الحكم إسلاميون أم اشتراكيون أم غيرهم .
قبل وخلال ثورات الربيع العربي امتلأ الفضاء بشعارات واتهامات فتحت بعدها قاعات المحاكم على مصراعيها لمحاكمة سياسات ومناهج هدرت الثروات وكرست الحرمان , وقد نجحت هذه الشعارات فعلا باستدرار عواطف عامة الناس ممن خطف الأمل قلوبهم قبل أن يسرق بريقها عقولهم , سرعان ما استفاقوا على واقع أشد إيلاما وقسوة , فما الذي حدث ؟.
أنظمة ما بعد الربيع إسلامية وغيرها غرقت في ذات السياسات التي نبذتها وساقت رموزها الى السجون , فالتزمت مصر كما تونس وليبيا بسياسات صندوق النقد , وبالغت في فرض ضرائب جديدة , وتوسعت في الإستدانة ولم يتجاوز النمو الإقتصادي فيها حاجز ال2% وبعضها كان سالبا وتراجعت أسعار صرف عملاتها وشهدت تراجعا ملموسا في التدفقات الإستثمارية وتدنى فيها الدخل من السياحة واصبحت أسواقها المالية على الحافة , وفقدت تصنيفات إئتمانية مهمة كانت بنتها على مدى عقد كامل .
لا تزال القضايا الجوهرية وهي ذاتها التي كانت وقودا لاندلاع الثورات تراوح مكانها , فالبطالة تتسع كما الفقر والمديونية كذلك كما أن الحلول الإقتصادية تبدو عاجزة , وبينما كانت سياسات أنظمة ما قبل الربيع المرتبطة بصندوق النقد والبنك الدوليين والخصخصة واقتصاد السوق منصة اعتلاها الثوار للهجوم لا تزال سياسات الصندوق والبنك والخصخصة مستمرة لكن المدهش أن هناك من لا يزال ينعق بذات الإسطوانة بالرغم من السقوط السريع لأنظمة استثمرتها واستغلتها للوصول الى السلطة .
لم يأت الوقت بعد للحكم على فشل أنظمة ما بعد الربيع بالإنتقال من الشعارات الى التطبيق لكن المقدمات تشي بالنتائج , فلم نر أقداما تمشي للاقتصاد الذي طالما تحدثت ووعدت به الأنظمة الجديدة في حكم سيكون في محاولة نظيف وشفافية ونزاهة ومكافحة فساد، وهي الأمراض التي تعتبر الأحزاب الإسلامية أنّها ضربت الاقتصادات العربية بمقتل خلال العقود الأخيرة فما جرى هو تعامل لم ينحز الى الواقعية بل انغمس في الأدبيات التي لا تغني ولا تسمن من جوع ..
لم يحمل البرنامج الاقتصادي للإسلاميين تغييرات جذرية عن «اقتصاد السوق»، الذي تتبناه الدول العربية ، بل إلتزام عميق باقتصاد السوق، وبالملكية الفردية، وبدور محدد للدولة ، وسياسات أكثر التزاما بالنهج الليبرالي .
إن الوقائع الإقتصادية على الأرض هي المتغير الوحيد الذي يتطلب مرونة لا تقف عند مبادئ أو أيدلوجيات لم تعد صالحة أو أنها صالحة شريطة أن تتطور بذات السرعة ليس في المخرجات فحسب بل في عمق الجوهر .
منهج الإسلاميين الإقتصادي يرتكز على مبادئ أبرزها العدالة الإجتماعية ,محاربة الفقر والبطالة والفساد، وتعزيز سيادة القانون ، و التعامل مع التفاوتات الطبقية داخل المجتمع، وكذلك التفاوت فيما بين المناطق وهي ذات المرتكزات التي تسعى كل المدارس الإقتصادية الى تحقيقها لكن الفرق يكمن في الآليات وهي التي يفتقر اليها الإسلاميون , لأن بناء الإقتصاد لا يتم بتوزيع المعونات من السكر والأرز أو المدافئ ولا حتى بقروض أو طرود الخير .


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة