الأحد 2024-12-15 09:40 ص
 

96 ألف طفل سوري في الأردن خارج المدارس

12:38 ص

الوكيل - قبل ثلاثة أعوام، قَدِمَ ماجد إلى الأردن، مع والدته وشقيقاته الأربع، في ظل غياب الأب وجد الطفل، ذي الأعوام الـ 13 (حينها)، ليجد نفسه مضطرا لتحمل المسؤولية، حيث انقطع عن الدراسة، والتحق بقطاع أعمال البناء لإعالة أسرته.اضافة اعلان


يقول ماجد “غادرنا سورية الى عمان في نهاية العام 2012 بعد اعتقال والدي هناك، كانت والدتي تشعر بالخوف وتسعى لحمايتنا، استقرت عائلتي في صويلح” بضواحي عمان.

ويتابع “الحياة مكلفة هنا، نفذت مدخراتنا خلال الاسابيع الاولى، باعت والدتي مصاغها، كنت مضطرا للعمل والإنفاق على أمي وأخواتي”.

ويبين ماجد، الذي يبلغ من العمر اليوم 16 عاما: “التحقت بقطاع أعمال البناء، كان العمل متعبا وشاقا، أما العودة إلى مقاعد الدراسة كان حلما شبه مستحيل”.

ويضيف “انقطعت عن الدراسة نحو عام ونصف، لكن بعد تسجيل أسرتي في المفوضية العليا للاجئين وتخصيص دعم مالي لعائلتي عدت الى الدراسة، تأخرت عامين دراسيين، لكن ذلك لا يهم المهم أني عدت الى المدرسة”.

ويقول “سأكمل دراستي.. أقلها الثانوية، أي تعليم أتلقاه اليوم سيضمن لي مستقبلا أفضل، لا اعرف إن كنت سألتحق بالجامعة فرسوم الجامعات باهظة جدا هنا”.

ماجد، طفل من أصل 226 ألف طفل سوري، في سن المدرسة، قدموا الى الأردن منذ بداية الازمة السورية العام 2011. وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، فإن نحو 57 % من أطفال اللاجئين السوريين ملتحقون بالتعليم الرسمي، أي ما يشكل 129,354 الف طفل.

تسبب هذا العدد من الطلبة السوريين بضغط كبير على الخدمات التعليمية، تحديدا لجهة تجاوز الطاقة الاستيعابية في عدد كبير من المدارس بالأردن، وتحول مدارس أخرى إلى العمل بنظام الفترتين الصباحية والمسائية، فضلا عن انعكاس ذلك على مستوى جودة التعليم، في وقت يقدر فيه وزير التربية والتعليم الدكتور محمد ذنيبات تكلفة تعليم الطلبة السوريين بـ650 مليون دولار.

بحسب “اليونيسف”، فإن 43 % من الأطفال السوريين خارج المدارس النظامية، أي ما مجموعه نحو 96 الف طفل خارج التعليم الرسمي، منهم اكثر من 60 الفا، منقطعون تماما عن التعليم، فيما تمكنت “اليونيسف” من ادماج نحو 30 الفا بالتعليم غير النظامي عبر مبادرة “مكاني”.

“مكاني” مبادرة اطلقتها “اليونيسف” مطلع العام الحالي، لضمان حق الاطفال من اللاجئين السوريين في التعلم، تماشيا مع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.

تنص المادة 28 من الاتفاقية، على ضرورة ضمان حق جميع الاطفال بالتعليم الابتدائي المجاني والالزامي، فيما تؤكد المادة 22 من الاتفاقية على ضرورة حماية جميع حقوق الأطفال اللاجئين بما فيه الحق في التعلم.

ويوضح مسؤول الاعلام والاتصال في مكتب “اليونيسف” في الأردن سمير بدران أن المبادرة تهدف للوصول إلى الأطفال الذين يتعذر إعادة دمجهم في التعليم النظامي، بحيث تتاح لهم فرصة التعليم غير الرسمي، من خلال 200 مركز، منتشرة في المملكة. وتمكنت المبادرة من اعادة نحو 30 الف طفل الى مقاعد الدراسة غير النظامية، هم من الفئة العمرية من 6 الى 18 عاما.

ويقول بدران “نسعى الآن للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الاطفال، بسبب انقطاع أعداد كبيرة من الاطفال عن التعليم نخشى من ضياع جيل كامل من الأطفال السوريين، توفر مبادرة مكاني فرصا تعليمية غير رسمية، ونسعى حاليا بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم الاردنية الى إيجاد آلية، يتم وفقا لها الاعتراف بشهادات الطلبة في هذه المراكز”.

حسن (16 عاما) وأحمد (14 عاما) طفلان، من أصل 80 طفلا، يستفيدون من برامج التعليم غير النظامي في مركز الخدمات المتكاملة، التابع لمبادرة “مكاني” في منطقة السخنة، إحدى ضواحي مدينة الزرقاء. الطفلان كانا انقطعا عن التعليم بعد مغادرتهما لمدينة درعا في سورية العام 2013.

التحق الشقيقان بسوق العمل مبكرا، تقول الأم “الوضع الصحي لزوجي لا يسمح له بالعمل، ونحن عائلة من 7 افراد، يعمل حسن في ورشة حدادة، يتقاضي اسبوعيا مبلغ 25 دينارا، أما أحمد فيعمل في مخبز، وتبلغ يوميته 3 دنانير”.

يحظر قانون العمل التحاق الأطفال دون سن 16 في العمل، في حين يفرض شروطا على عمل الأطفال في الفئة العمرية (16 الى 18 عاما)، منها حظر العمل في المهن الخطرة، والتي تندرج تحتها أعمال البناء والانشاءات، كما أن كلا الطفلين يتقاضيان أجرا دون الحد الأدنى للأجور، المحدد بـ190 دينارا شهريا.

وفقا لدراسة صادرة عن “اليونيسف” ومنظمة “انقاذ الطفل” في تموز (يوليو) الماضي، تحت عنوان “فريسة سهلة للاستغلال في سوق العمل”، فإن نحو 50 % من الأطفال السوريين في الأردن، يعتبرون المعيل الرئيسي للعائلة، أو يساهمون بإعالتها بشكل أساسي.

مقابل ذلك، تحدد دراسة متخصصة، أصدرها مركز تمكين للدعم والمساندة أخيرا، أسباب عمل الأطفال السوريين بالفقر المدقع، وغياب الأمان الاجتماعي، الذي يتعلق بالجانب المالي لعائلاتهم، وعدم قدرة الأسر على تأمين بيئة تعليمية لأبنائها، وبالتالي إلحاقهم بسوق العمل، في ظل وجود رغبة لبعض أصحاب العمل الأردنيين بتشغيل أطفال سوريين، لتدني أجورهم.

وفي وقت يشكل فيه العمل وإعالة الأسرة سببا رئيسيا لتسرب الذكور من المدارس، تختلف عوامل التسرب لدى الإناث، حيث تشكل الثقافة الاجتماعية، الزواج المبكر والخوف على الفتيات من التعرض للمخاطر، وعدم الاندماج وعدم توفر المواصلات وبعد المدرسة عن مكان السكن، أبرز الأسباب لتسرب الفتيات اللاجئات، بحسب الاخصائية الاجتماعية في مركز خدمات السخنة عايشة سمارة.

وتبين سمارة لـ”الغد”، “للأسف نتيجة لتلك العوامل مجتمعة، ومخاوف الاسر، تولدت لدينا اشكالية حرمان الفتيات من التعليم، وابقائهن في المنازل لحين تزويجهن”.

وتتابع “تنتشر مشكلة الزواج المبكر بشكل كبير بين مجتمع اللاجئين السوريين في منطقة السخنة، ترى العائلات في تزويج بناتهن فرصة لخفض نفقات الاسرة، لأن الزوج سيتكفل بنفقات ابنتهم، ولجهة أخرى، يوجد قناعة لدى الاسر أن زواج البنت سترة حتى لو كانت العروس طفلة”.

وتقول: “للزواج المبكر تبعات غاية في الخطورة، حيث تنقطع الفتاة عن دراستها، وتكون العودة إلى مقاعد الدراسة أمرا مستحيلا، أما الجانب الآخر فيتمثل بالتبعات الصحية على الفتاة، عند الحمل والإنجاب بسن مبكرة، فضلا عن وجود فرص كبيرة بفشل الزواج، نتيجة لعدم الوعي لدى الطرفين”.

تسعى سمارة من خلال عملها مع أسر اللاجئين، الى رفع الوعي لدى العائلات بالعواقب المترتبة على الزواج المبكر، وتقول: “تمكنت من اقناع العديد من الأسر بالتأني قبل اتخاذ قرار تزويج بناتهن، هناك وعي أكبر لدى العائلات اليوم، في حالات أخرى لم أتمكن من إقناع العائلات، لعل العامل الاقتصادي هو الاكثر تأثيرا في قراراتهم”.

بحسب دراسة صدرت العام الماضي عن “اليونيسف” كذلك، وتحت عنوان “العرائس الاطفال”، فقد بلغت نسبة زواج القاصرات من السوريات العام 2014 حوالي 32 % من إجمالي الزيجات، والأرقام تعكس ارتفاعا مطردا في نسب الزواج المبكر، في مجتمع اللاجئين السوريين. وفقا لذات الدراسة، بلغت النسبة العام 2013 حوالي 25 % أما العام 2012 فكانت 18 %.


الغد


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة