الخميس 25-04-2024
الوكيل الاخباري
 

الإصلاح.. هل نريد أن نبدأ؟




حالة من الهدوء غير المسبوق تسيطر على المشهد السياسي في الأردن، والجميع بات يسبح في دوامة مفرغة، يسودها الترقب والحذر تجاه ملفات عديدة دفعت المسؤولين إلى التزام الصمت. ربما سبب ذلك يعود لخوفهم من أي ردة فعل قد تزيد من مساحة التيه الذي يعيشه الناس.اضافة اعلان


أجزم أنه لم يحدث سابقا أن أغلق المسؤول الباب على نفسه، متجنبا الظهور والاشتباك، فيما السياسيون والمتابعون يسترقون السمع محاولين فهم ما يدور. لا أحد يمتلك معلومة عما يجري من حولنا. كل ما نعرفه هو أن هناك عشرات التساؤلات ما تزال بلا أجوبة.

الاستمرار في حالة كهذه ببلد مثل الأردن أمر غير صحي، حيث الوضع الاقتصادي الصعب، والصحي الحرج، والاجتماعي الذي تسيطر عليه آراء وتحليلات رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ناهيك عن الجانب السياسي والغوص في تنظيرات إصلاحه.

إلى جانب كل ذلك، ندرك أن هناك دولا وأفرادا يحاولون، وفي كل فرصة سانحة، العبث باستقرار البلد الذي تجاوز على مدار عقود تحديات وأزمات متنوعة. لا بد أن نؤمن أن الأردن اليوم ليس هو ذاته قبل سنوات قليلة. هناك من يسعى إلى دفعه للوراء. لا يمكن تجميل الواقع المؤلم!

من أين نبدأ؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن تجد الدولة إجابة له بأسرع وقت ممكن. هناك شبه اتفاق على أن الأولوية هي لمثلث الإصلاح السياسي؛ قوانين الانتخاب، والأحزاب، والإدارة المحلية، بالتزامن مع خطط مدروسة للجانب الاقتصادي، محددة الزمن وذات قابلية للتنفيذ.

في العام 2011 وجه الملك بضرورة إجراء حوار وطني حول الإصلاح السياسي والاقتصادي في البلاد. إثر ذلك التوجيه تم إجراء حوارات مكثقة مع العديد من القوى والفعاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية قرر على أثرها مجلس الوزراء تشكيل لجنة الحوار الوطني. اللجنة خرجت بتوصيات لم يتم التعامل معها بجدية حتى هذه اللحظة. ما نزال بعد عشر سنوات نتحدث عن حوار وطني جامع بهذا الخصوص!

مجلس النواب، أعلن مؤخرا عن إطلاق حوار وطني جامع مع مؤسسات المجتمع المدني للخروج بتصور حول قانوني الانتخاب والأحزاب، لتحقيق أعلى درجات التوافق الوطني حول ما هو مطلوب في المرحلة المقبلة.

الحوار الذي يعتزم مجلس النواب اطلاقه ليس الأول، وقد لا يكون الأخير، فقد تعودنا أن كل وجوه جديدة تلغي خطط من سبقها وتسعى للبدء من الصفر، إيمانا من أن رؤيتها هي الأفضل. لكن ما حاجتنا اليوم للانطلاق من خط البداية، وقد شكلت سابقا لجان عديدة، خرجت بتوصيات كثيرة. لماذا لا نبدأ من حيث انتهى الآخرون!

للتقدم خطوة سريعة في الإصلاح السياسي، وحتى لا يبقى الملف خشبة ملقاة وسط النهر ونعتقد أن التمسك بها سينقذنا، لا بد من قراءة نتائج اللجان السابقة وتوصياتها، وتحليلها، والاستفادة من بعضها، أو تعديل بعضها الآخر، فليس من المعقول أن نلتقي بعد سنوات من الحوار الوطني بذات الأشخاص من نقابيين وسياسيين للاستماع إلى ذات الآراء التي قدموها قبل 10 أعوام.

الإرادة السياسية للإصلاح السياسي متوفرة، وقد أكد عليها الملك في أكثر من مناسبة باعتبارها حقيقة واجبة التطبيق، والأوراق النقاشية التي حملت أول ورقة منها العام 2012 عنوان “مسيرتنا نحو بناء الديمقراطية المتجددة”، قدمت رؤية شاملة، وكل ما نحتاجه هو أن نعرف متى وكيف نبدأ. حالة الدوار التي تعيشها البلد غير صحية، ولا ينبغي أن تستمر.