الثلاثاء 23-04-2024
الوكيل الاخباري
 

الجلوة في دولة ونظام التسامح



آخر ما يتندر به الأردنيون قولهم (هي فلان اللي حط فوق وتحت الأردن، رجع ع الأردن)، ونسوا ما قاله (فلان) نفسه وهو يدخل من المطار، وما ذكره نعرفه، وكل الأردنيين يعرفونه، بأننا نعيش في دولة ترفع القيم الفضلى والمبادىء الإنسانية السامية والأعراف الطيبة، فوق كل شيء سواها، حتى الحقوق الخاصة، نكرم بها ونتنازل عنها لمن يقدّر وأحيانا نتنازل حتى لمن لا يقدّر، لأننا تعلمنا أن نكون كبارا في هذا البلد الكبير، الذي تتكرس فيه مثل هذه القيم، وتتوغل في النسيج الإجتماعي، بل وتصبح ركائز ليس في التفاعل الاجتماعي فحسب، بل تقفز إلى التشريعات الرسمية، ثم إلى القضاء الإنساني النزيه، الذي يتقصى روح العدالة، دونما التفات إلى ما يتخرص به الأفاقون وأصحاب (السلع) الشيطانية، وما تترسخ وتتعمق إلا لأن النظام السياسي لهذه الدولة كبير تاريخيا، بسبب ارثه الأخلاقي الإنساني الأثير.اضافة اعلان


ما الخير الذي نجنيه حين نظلم أبرياء؟ هذا الظلم بات يقبع في نفس كل من يطالب تهجير الناس، حين يخطىء أو يجرم أحد من عائلتهم أو عشيرتهم، يتم ترحيل العائلات الآمنة، التي لا علاقة لها بمجرم، أو أهبل..! آباء وأجداد وأبناء وأحفاد، نساء ورجال وأطفال، طلاب، موظفون وموظفات وأصحاب مصالح يسعون خلف قوتهم اليومي، كلهم يرحلون.. ويتم نفيهم خارج مدار العدالة والانسانية والأخلاق العربية والمروءة، لأن أحد ما، ربما لا يعرفونه أو لا يطيقونه أو يتشرفون بمعرفته.. ارتكب جريمة، وقد تكون مشاجرة او أحيانا خطأ.. لكن العقوبة الجماعية القاسية تقع على كل اولئك البشر، فأي عدالة هذه، بل أي أخلاق !!.

 
نحن نرزح تحت نير عبودية ثقافة اجتماعية مريضة، نبتت في أصل غير عربي ولا حتى عقلاني، ولم نسمع عنها سوى في الجاهلية الأولى، حتى إن عرب الجاهلية كانت لديهم أخلاق عربية عالية رفيعة، قال عنها رسولنا الكريم عليه السلام بأنه بعث ليتمم مكارمها، وهي الأخلاق ذاتها التي يرتكز عليها نظامنا السياسي، والذي قدم بدوره كثير من صور التسامح حتى عن المجرم أو المسيء نفسه (آخرها العفو الملكي الخاص المتوقع صدوره ليشمل مجرمين بحق جلالة الملك نفسه)، فكيف يقوم بعضنا بالتنازل عن خلق التسامح ويغالي بالتنازل ويتعداه إلى ظلم الأبرياء!.

أيها المتسامحون إنكم حين تتكرمون بالعفو عن المجرم نفسه، تحظون بما وعدكم الله من خير، فكيف (إن كنتم تعرفون الله) حين ترحموا الأبرياء وتصفحوا عنهم؟!.

لا حول ولا قوة إلا بالله.