السبت 27-04-2024
الوكيل الاخباري
 

الدكتورة ابو جاموس تكتب .. تعريب قيادة الجيش العربي يوم للوطن

310586_8_1551348102


بقلم الدكتورة ماجدة عودةالله ابو جاموس
عندما يكون الحديث عن الجيش العربي يكون حديثا ذو شجون, ويحمل في طياته خصوصية ما , فالجيش هو صمام امان الوطن , ورمز عزه ورفعة شانه, كان وما زال وسيبقى عنوان الوطن الاجمل والاوسع , وعنوان العطاء .في مثل هذا اليوم الاول من اذار تحملنا ذاكرة الوطن الى هناك الى عام 1956 وقد استكملت معاني السيادة والاستقرار والتحرر الحق , ففي هذا اليوم جسد المعنى الحقيقي للاستقلال بعد ان تم تعريب قيادة الجيش العربي وايلاء القيادة لضباط اردنيين يعرفون ان الوطن امانة في اعناقهم ,  فكتبوا  عهدهم له  بحبر دمائهم   وايقنوا على الدوام بان الجندية  ليست مجرد شعارات يرددونها بل هي سنة وعقيدة لديهم وشعار مجد يزين هاماتهم ,اضافة اعلان

 قبل اتخاذ الحسين لقرار تعريب قيادة الجيش العربي والذي كان بمثابة ولادة جديدة لهذا الجيش الذي تشكل مع بدايات تاسيس امارة شرق الاردن عام 1921 ،  كان يتشكل بداية من القوة السيارة ومركزها معسكر المحطة في عمان وثلاث سرايا فرسان وسريتا مشاة ورشاشات وفئة اشارة وبطارية مدفعية جبلية وقد سلحت هذه القوة بثمانية مدافع (13)رطلا ، وتعد بذلك اول وحدة مدفعية في شرقي الاردن ثم اضيف الى هذه القوة عام 1921 فئة موسيقى مؤلفة من (18) عزفا كان مقرها منطقة العبدلي بعمان , وفي ايلول من عام 1923 تمت موافقة مجلس الوكلاء ( مجلس الوزراء انذاك ) على دمج القوة السيارة وباقي قوة الامن والدرك تحت امرة (بيك باشا) وعد هذا هو التاريخ الحقيقي لتاسيس الجيش العربي،  و كان بيك باشا اول قائد للجيش العربي , الا ان بريطانيا سيطرت على شؤون الجيش بحكم سياسات الانتداب وسلمت شؤونه منذ ذلك الوقت للضباط الانجليز ,مع ان وجهة النظر الاردنية كانت تؤكد ان هناك من يقوم بهذا العمل بشكل جيد من الضباط الاردنيين .اي ان مسؤولية الجيش العربي اصبحت بيد الانجليز مما انعكس سلبا على ادائه رغم بسالة رجاله من الضباط وضباط الصف الاردنيين .وفي عام 1927 صدر أول قانون للجيش العربي حدد بموجبه المهام والواجبات المنوطة به حيث   كان له الدور البارز  في توطيد أركان الأمن والنظام وتعزيز سلطة الدولة وفرض هيبتها , وفي 20 شباط 1928 وقعت المعاهدة الاردنية البريطانية فمثلت  بذلك الاعتراف الكامل بالدولة الاردنية ، وتغير اسم الدولة من حكومة الشرق العربي الى امارة شرقي الاردن وكان من ابرز مواد المعاهدة ترسيم الحدود وتنظيم شؤون الدفاع والقوات المسلحة .في عام 1939 تقاعد بك باشا وتسلم الفريق  كلوب رئاسة أركان الجيش العربي  و كان الجيش العربي آنذاك يضم في صفوفه عددا من الضباط وضباط الصف الانجليز .وتطور الجيش العربي فيما بعد  ضمن الامكانات المحدودة التي اتيحت له في فترة الاربعينات وتشكلت العديد من الكتائب  والاسلحة والمعاهد العسكرية والمدارس وغيرها .
في أيار 1953 تسلم جلالة الملك الحسين سلطاته الدستورية فشرع ببناء منجزات الاردن الحضارية واولى رحمه الله أقصى اهتمامه لبناء الجيش العربي الأردني الذي كان على الدوام في فكر جلالته منذ أن كان طالباً في كلية ساند هيرست العسكرية البريطانية حيث  كانت رؤيته تنبع من ضرورة التخلص من الهيمنة و القيادة الأجنبية للجيش العربي لقناعته بأن هذه القيادة تقف حائلاً بين تحقيق طموحات وأماني الجيش .وكان يؤمن بضرورة  استكمال معاني  الاستقلال الحقة. كانت  المملكة الاردنية الهاشمية قد حصلت على استقلالها في وقت غير بعيد و اجتازت ظروف صعبة ومرت بمنعطفات هامة على الصعيدين العسكري والسياسي حيث مر الجيش العربي بمراحل تحديث كبيرة . واما سياسيا  فقد كان هناك تعديل في القانون الاساسي وفي دستور عام 1947 بناء على المتغيرات السياسية المتمثلة بالاستقلال عام 1946 وتوحيد الضفتين عام 1951 واستشهاد الملك عبدالله الاول .وفي الجيش كان على راس الهرم القيادي الجنرال جون باجوت كلوب (كلوب باشا) كرئيس لاركان الجيش العربي وكان هناك ضباط انجليز يشغلون مراكز القيادة في مختلف وحدات الميدان (الوحدات والتشكيلات ) وبعض الاجهزة كجهاز الاستخبارات .وكان جلالة الملك الحسين في تلك الاثناء غير مرتاح للوضع العسكري في الجيش العربي وقد اسر جلالته لبعض الضباط الذين التقاهم في لندن بان طموحه ان يكون هناك ضباط اردنييون يقومون على قيادة هذا الجيش . في كتاب مهنتي كملك ذكر الحسين رحمه الله بعضا من الاسباب التي دعته الى  اتخاذ قرار تعريب قيادةالجيش العربي والتي لخصها بنقطتين الاستراتيجية الدفاعية ووضع الضباط الاردنيين . 
خطوة اراد القائد اتخاذها افصح عنها عندما طلب عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء تراسها رحمه الله بنفسه وابلغ فيها رئيس الوزراء انذاك دولة السيد سمير الرفاعي برغبته في انهاء خدمات الفريق كلوب وتسفيره الى بلاده حالا وعند الساعة الثانية والنصف من بعد ظهر يوم الاول من اذار لعام 1956 وتنفيذا للرغبة الملكية السامية حمل رئيس الديوان الملكي القرار الى جلالته فوشحه بالتوقيع السامي السامي ونفّذت الحكومة رغبة جلالته فوراً ، وقرر مجلس الوزراء في قراره رقم 198 تاريخ 1 آذار 1956 ما يأتي :إنهاء خدمة الفريق كلوب من منصبه في رئاسة أركان الجيش العربي الأردني وترفيع الزعيم راضي عناب لرتبة أمير لواء وتعيينه في منصب رئاسة أركان الجيش العربي الأردني.إنهاء خدمة القائمقام (باترك كوجهل ) مدير الاستخبارات .إنهاء خدمة الزعيم هاتون ( مدير العمليات العسكرية).
خطوة اتخذت وقرار نفذ حمل بمجمله  أبعاد سياسية وعسكرية كثيرة، انعكست إيجاباً على الجيش ، حيث شكل إقصاء الجنرال كلوب استكمالاً للقرار السيادي العسكري الأردني و الاستقلال الحقيقي للمملكة الأردنية الهاشمية و تبعه إلغاء المعاهدة البريطانية عام 1957 التي كانت تقيد الأردن عسكرياً وسياسياً .
 
واليوم وبعد مرور 64 على هذا القرار ، حيث يخوض الجيش العربي معارك ضارية لحماية الوطن وترسيخ الوحدة الوطنية والمحافظة على الامن الذي غدا العنوان العريض للوطن . وكلما توسعت رقعات المعارك الضارية و هو صامد مرابط في آتونها  يدافع  عن الاردن  بعنفوان منتسبيه  ، بشهامتهم متحديين النيران المسلطة عليهم من قلة تريد النيل من هذا الوطن .
دمتم ايها النشامى عنوانا للوطن ترسمون الصورة الناصعة لانجازاته فانتم الصامدون المرابطون . دمتم عيونا تحرسنا  وجسورا نعبر عليها وتعبر عليها اجال تاتي من بعدنا وكل عام وانتم بالف خير .