قبل أيام مرت ذكرى العام الثاني لإعلان تطبيق قانون الدفاع في الأردن بسبب جائحة كورونا، ورغم قيام الحكومة حاليا بتخفيف التدابير الاستثنائية المرتبطة بفيروس كورونا، إلا أنه لا يلوح بالأفق توجه الدولة لوقف العمل بالقانون، وما نتج عنه من أوامر دفاع.
الأعذار الحكومية لاستمرار العمل بقانون الدفاع غير مقنعة، وكثير من الدول واجهت جائحة كورونا بكفاءة واقتدار أفضل منا، دونما الحاجة لقوانين «طوارئ».
لم تنتهِ كورونا في الأردن، ولكن تسليط الضوء عليها تراجع، وزادت قناعات الناس بضرورة التعامل معها مثل الإنفلونزا، ومناعة القطيع استحكمت، ولم يبقَ من مظاهرها سوى ارتداء محدود للكمامات، وتقرير أسبوعي عن عدد الحالات التي أصيبت، أو أدخلت للمستشفيات.
قبيل شهر رمضان الذي أصبح على الأبواب تنوي الحكومة إعلان المزيد من الإجراءات التخفيفية، بالتأكيد صلاة التروايح ستكون متاحة في المساجد، وربما يسمح بالخيم الرمضانية بشروط، وقد يعلن التوقف عن الالزام بارتداء الكمامة، وإظهار تطبيق سند عند دخول الأماكن العامة.
كل هذه التوجهات للانفتاح ستجد من يؤيدها، وستجد أصواتا معارضة لها، والأهم والضروري أن تراجع الحكومة آليات تعاملها مع الجائحة منذ البداية، بما فيها أوامر الحظر الشامل والجزئي، وتداعياتها على المجتمع والاقتصاد، وإعلان تقرير تقيمي لإدارتنا للأزمة.
قبيل أن تنتهي جائحة كورونا كانت كارثة الحرب الروسية على أوكرانيا تطل على العالم، فتشعل المخاوف على السلم الدولي، وتزيد القلق بتداعيات هذه الحرب اقتصاديا.
الأردن ليس دولة حدودية مع أوكرانيا، ومع ذلك ندفع فواتير هذه الحرب فورا، فأسعار السلع ارتفعت بشكل جنوني، والمواطن الذي يشكو الفقر قبل الحرب عليه أن يتحمل الكلفة أكثر وأكثر.
كالعادة قبل شهر رمضان ترتفع أسعار المواد الغذائية، وهذا يحدث كل عام، والأمر لا يرتبط بالحرب على أوكرانيا، وهذا ما ينوه له خبراء ومتابعون للشؤون الاقتصادية، وتتعالى أصوات تطالب بتدخل حاسم من الحكومة لضبط الأسعار، ووضع حد لما يسمونه جشع التجار، وآخرون يطالبون بعودة وزارة التموين لتخليص المجتمع من احتكار، وتحكم التجار بالسوق، وتلاعبهم بالأسعار، وبالتالي تصبح الحكومة مستوردا يضمن سقوفا سعرية عادلة للسلع.
نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق يُقر بوجود ارتفاع على أسعار العديد من المواد الغذائية، ويرجع الأمر لارتفاع ثمنها عالميا، ولا علاقة للأمر بالحرب على أوكرانيا، مشيرا إلى أن الأسعار بدأت بالتصاعد مع جائحة كورونا، وشح المحاصيل في دول المنشأ.
كل السلع الأساسية المرتبطة بقوت الناس ارتفعت، بدءا من الزيوت التي أصبحت حديث البلد، مرورا بالأرز، السكر، القهوة، الحليب، العدس، اللحوم، الدواجن، والسمك.
ارتفاع الأسعار أصبح مادة للتندر على منصات التواصل الاجتماعي، وأكثر ما كان مثيرا للسخرية ولافتا ربط الأمر بالحرب، فالتجار ما يزالون يبيعون المواد الغذائية الموجودة في مستودعاتهم، ولم يستوردوا بضاعة جديدة، أو لم تصلهم حتى الآن، فلماذا تضاعفت الأسعار؟
قررت الحكومة تثبيت أسعار المشتقات النفطية، لأنها تدرك حجم المأساة لو قامت برفعها، فهي أساسا عالية، ومرهقة، والجميع يعرف أنها المورد الضريبي الأساسي لخزينة الدولة.
لو استمرت الحرب طويلا فإن المخزون الاحتياطي من المشتقات البترولية، وحتى المحاصيل (القمح والشعير)، والمواد الغذائية سيتناقص، وسنصبح معرضين للخطر، والأعباء الاقتصادية ستتضاعف، وبصراحة على الحكومة أن تطلع المجتمع على خطة الطوارئ التي اعتمدتها.
الأزمات في الأردن تتلاحق، وكما يقال في الأمثال الشعبية «قمنا من تحت الدلف لتحت المزراب»، فما نزال نحاول النهوض من الآثار المدمرة لجائحة كورونا، حتى دخل العالم في مناخ الحرب الأوكرانية، وما بينهما كانت البلاد تحاول لملمة، وإطفاء أزماتها الداخلية التي لا تقل خطورة، وخلالها كانت وعود الإصلاح السياسي والاقتصادي تذوي، وفي هذه الظروف تأتي الانتخابات البلدية، وأمانة عمان، ومجالس المحافظات فلا تجد اهتماما، رغم أهميتها للمجتمعات المحلية، وفي إحداث التنمية المستدامة.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي