الإثنين 2024-12-16 12:43 ص
 

آفة المنشطات داء مستفحل في جسم الرياضة العالمية

05:10 م

الوكيل الإخباري - أزمة المنشطات وتبعاتها المستفحلة هذه الأيام في عالم العاب القوى، وما اوقعته من عقوبات قضت اخيرا بتوقيف الاتحاد الروسي للعبة دوليا، حتى تسوية أوضاعه 'الفنية - القانونية'، وصولا إلى أمكان تجميد نشاط الاتحاد الدولي للعبة، أعادت تسليط الضوء على 'داء مستفحل' في جسم الرياضة العالمية.اضافة اعلان

فالحقيقة أن ألعاب كثيرة 'ملوثة'، لكنها تستمد حمايتها من سلطة المال ومصالح الدول العليا وصون 'الصورة الناصعة' والسمعة.
والموجة المتصاعدة أخيرا طرحت مجددا الصراع في هذا الإطار، حيث الغاية تبرر الوسيلة مهما كان الثمن، لأن الفوز بميدالية قرار إستراتيجي أحيانا معطوف على الإستثمار ومبالغ الرعاية وسياسة إظهار القوة والكفاءة والنهج السليم، فلا عجب أن تحدثوا عن مختبر روسي 'مضاد' لكشف المنشطات يحمي المتنشطين ويقيهم إكتشاف حقيقتهم.
وكانت الوكالة العالمية دانت في تقرير نشرته مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) نظاما شاملا للمنشطات في روسيا، متهمة رئيس المختبر الروسي غريغوري رودتشنكوف (إستقال من منصبه) بالضلوع في تنشيط الرياضيين، ويتضمن خصوصا إتلاف المختبر نتائج إختبارات ايجابية لمواد منشطة و1417 عينة محفوظة.
وطالبت الوكالة في الوقت عينه بايقاف العاب القوى الروسية عن المشاركة في المسابقات كلها.
وأشار غونتر يونغر مدير المنشطات السابق في الإنتربول أن التورط الروسي ثبت في ضوء بحث وتقصٍ ورصد وتحليل وثائق وتسجيلات، إلى رسائل 'إرشادية' وجهها الطبيب سيرغي برتغالوف إلى رياضيين حول سبل التنشط وكيفية تفادي الوقوع في الإختبارات.
غير أن الأمر لن يقتصر على لائحة روسية، فدلائل كينية تصب في الإطار عينه، كذلك تركية وصينية وبلغارية، فآثار 'المدرسة الشرقية' لم تمح بعد.
فمثلا، ظهرت آثار تنشط على 18 عداء كينيا من بين 800 حالة ايجابية لـ5 آلاف عينة اخذت من رياضيين بين العامين 2001 و2012. ويؤكد العداء ويلسون كيبسانغ بطل ماراثوني لندن ونيويورك، إن 'المنشطات في كل مكان وليس في كينيا وحدها'، فحصد الجوائز المالية وايقاع الفوز يتطلب ان تتنشط لتبقى في المقدمة.
وتتهم ألعاب القوى الكينية بأن 30 إلى 40 في المئة من وجوه صفها الأول يتنشطون.
وما يثير استغراب بعضهم أنه منذ العام 2007 تحطم الرقم العالمي للماراثون مرة كل سنتين تقريبا، علما أن أسلوب التدريب وظروفه في المعسكرات الكينية لم تتبدل منذ العام 1980.
وسيغيب رباعو بلغاريا عن دورة ريو دي جانيرو الأولمبية في الصيف المقبل، بعدما أوقفهم الاتحاد الدولي لرفع الأثقال عقب إكتشاف حالات تنشط عدة في صفوفهم. واتخذ القرار على هامش بطولة العالم للمصارعة التي اجريت في هيوستن (الولايات المتحدة) أخيرا.
ففي آذار (مارس) الماضي، سقط ثمانية رباعين بينهم ثلاثة من أبطال أوروبا وثلاث رباعات في اختبارات للمنشطات (تناولوا مادة ستانوزولول) أثناء معسكر تدريبي استعدادا للبطولة القارية في تبيليسي (جورجيا). كما أوقف ديمير ديميريف، بطل أوروبا السابق وايفان ماركوف بطل العام الماضي، وايفايلو فيليف والرباعة ميلكا مانيفا بسبب اتهامات مماثلة.
وكان الاتحاد البلغاري للعبة عانى من مواقف متكررة مماثلة مثيرة للحرج، وجرّد من رخصته موقتا في العام 2009، وغاب الرباعون البلغار عقب الانسحاب من دورة بكين الأولمبية 2008 اثر سقوط 11 منهم في اختبارات المنشطات.
كما سحب الاتحاد الدولي إحدى بطاقات رومانيا في الأولمبياد بسبب سقوط عدد من رباعيها في اختبارات المنشطات أثناء التصفيات. وحكمت محكمة التحكيم الرياضي على الإسبانية مرتا دومينغيز، بطلة العالم 2009 في سباق 3 آلاف موانع، بالإيقاف 3 سنوات بسبب مخالفتها قوانين مكافحة المنشطات وستخسر بالتالي ذهبيتها، علما أن اتحاد بلدها برأها في شباط (فبراير) 2014 خلافا لتوصيات الاتحاد الدولي، الذي طلب ايقافها 4 سنوات.
فطلب الأخير والوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تدخل محكمة التحكيم الرياضي للبت في هذه القضية. وهكذا يبدو ان الامر لا يقتصر على 'مخالفات' روسية للفوز بميداليات دولية، فبين عامي 1988 و2000 حصد 24 رياضيا اميركيا بينهم الأسطورة كارل لويس ميداليات أولمبية، وسبق ان اكتشف انهم تنشطوا، لكن المصلحة العليا قضت بالتستر والكتمان، الى غض النظر والحماية واتخاذ ترتيبات 'مضادة' هندسها الدكتور وايد اكسوم.
وبعد أعوام ضج العالم بفضائح مختبر بالكو ومالكه فيكتور كونتي، الذي استعان بخدماته 'العداءان الاولمبيان' ماريون جونز وتيم مونتيغومري.
أما بنك العينات الذي طالما فاخر الاتحاد الدولي لألعاب القوى أنه يمتلكه بموجب اطلاقه الجواز البيولوجي، فقد تحول من بنك معلومات ثمين إلى دراما قد تقضي على كيانه، وبات رئيسه الجديد اللورد سيباستيان كو 'تحت المجهر' تُرصد تحركاته والاجراءات التي سيتخذها اتحاده.
وفي العام 2010، كشف باحثون في مختبر لوزان ان 14 في المئة من 2737 خضعوا لفحوص المنشطات، اظهروا آثارا ايجابية. وفي بلد لم يسموه يتنشط رياضي من اثنين.
وبعد خمسة اعوام، اظهرت اختبارات لوزان ان 16 في المئة من اصل 5 آلاف رياضي خضعوا للفحص متنشطين بطريقة او اخرى.
أما لائحة الـ150 رياضيا التي اشار اليها تحقيق التلفزيون الالماني اواخر العام المنصرم، والتي حركت المياه الراكدة ووكر الدبابير في عالم العاب القوى، فستحلل عيناتهم الثانية المحفوظة وتعلن نتائجها قبل انقضاء عام 2015.
لقد خطفت ألعاب القوى الاضواء بآفة المنشطات، غير ان اتحادات اخرى تداري وجهها حماية للسمعة وحفاظا على الهالة والشهرة، فهي اشبه بقصر منيف واجهاته براقة والمياه الآسنة تجري في اروقته.
والحالة الراهنة تشبه الطريقة التي اعتمدها الاتحاد الدولي للدراجات في تستره على الأميركي لانس ارمسترونغ، بطل دورة فرنسا 7 مرات 01999 - 2005) بفضل برنامج تنشط ممنهج. فقد غض الاتحاد الدولي الطرف مرات (عن عينات ايجابية لمادة كورتيكوييد)، وفضل ايضا الا يشوه هالة بطولة العالم التي أحرز الفرنسي لوران بروشار لقبها (تناول مادة ليدوكايين).
والشكوك تطاول كرة المضرب ايضا، فقد أفاد بيدرو مونوز رئيس الاتحاد الإسباني السابق (2005-2009) أن هناك حالات كثيرة بين اللاعبين المحترفين مسكوت عنها أو أخضعت لغرامات رمزية.
وكشف أنه تدخل شخصيا لـ'حماية' احد مواطنيه في نهاية عقد التسعينات.
والواضح أن إداريين ومدربين لا يستطيعون الخروج من 'منظومة المنشطات' لأنها 'الأداة الفاعلة في عالم الرياضة'.
من هنا كان الطرح بتكليف الوكالة العالمية بمفردها بمهام المراقبة والفحص وفرض العقوبات، لكن مثل هذه الخطوة تتطلب موازنة تفوق المليار يورو سنويا، في مقابل 30 مليونا تسير بها اعمالها حاليا. وقد نوقشت الفكرة في اجتماعات المكتب التنفيذي للوكالة الذي عقد يومي 17 و18 تشرين الثاني (نوفمبر) في كولورادو سبرينغ (الولايات المتحدة).
وفي حال أرادت اللجنة الأولمبية الدولية والوكالة العالمية اجراء مسح سريع لمعرفة موقف الاتحادات الدولية من هذا التوجه، لاتضح ان هناك ثلاثة اطراف من المعنيين: اتحادات مرحبة لانها تتخلص من عبء اداري وتقني ومالي، وأخرى لا تأبه بالموضوع، والاتحاد الدولي لكرة القدم 'فيفا' الذي سأل من سيمول الوكالة العالمية للاضطلاع بمسؤولياتها المقترحة.
لكن تبقى معضلة إلقاء المسؤولية وآليات التنفيذ، وهل مصدر الفساد والرشى اشخاص ام اساليب وانظمة؟
وكان الفرنسي آرسين فينغر، مدرب آرسنال الإنجليزي، دعا إلى خضوع اللاعبين لفحوص دم دورية لتحسين اجراءات مكافحة المنشطات، التي يعتبرها 'سطحية' (فحوصات البول) في الوقت الحالي، ويجد في القواعد القائمة 'ربما غير كافية.
ومن غير المعقول غض النظر عن هذه المشكلة في كرة القدم'، مطالبا بإلغاء عقود اي لاعب يثبت تنشطه.
وأوضح فينغر:' قلبت فضيحة المنشطات الأمور في العاب القوى، وهناك مشكلة ايضا في الدراجات، والاعتقاد بان كرة القدم بعيدة من ذلك امر غير صحيح تماما'. ولفت الى انه ليس منطقيا ان يكون لديك 740 لاعبا في بطولة مثل كأس العالم، ولا يكون هناك شخص واحد منهم يتعاطى المنشطات. - (أ ف ب)


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة