الخميس 2024-12-12 10:48 ص
 

أرباح "الفوسفات": الزيف والحقيقة

08:30 ص

في مرافعة الدفاع عن شركة الفوسفات، وادّعاء لحاق الظلم بإدارتها في مرحلة ما بعد الخصخصة، يحاجج البعض بأن الشركة لم تحقق الأرباح إلا بعد أن بيعت؛ في إشارة إلى الإدارة الحصيفة التي تابعت عمل الشركة منذئذ، وبما أدى إلى زيادة أرباحها إلى مستويات قياسية.اضافة اعلان

والحقيقة أن ما يقدمه المدافعون صحيح لناحية النتائج، لكنه خاطئ فيما يتعلق بالأسباب. فالأرباح والنتائج المحلية للشركة لم تتحسن بسبب الإدارة الرشيدة، والحاكمية والشفافية؛ بل نتيجة ارتفاع أسعار الفوسفات الخام في الأسواق العالمية.
تقرير لجنة تقييم التخاصية الذي أُعلنت نتائجه يوم الأحد الماضي، أشار بوضوح لهذه القضية. إذ جاء في التقرير أن الشركة شهدت تحسنا واضحا في المؤشرات المالية، عازيا ذلك إلى زيادة الأسعار العالمية لمادة الفوسفات، إنما مع تأكيده على أن الحكومة لم تستفد من الأرباح التي حققتها الشركة، كون الأولى لم تتلقَ توزيعات مقابل حصصها، كما لم تزدد إيرادات الخزينة من الرسوم والضرائب المختلفة.
الرد على المدافعين موضوعي وحقيقي، توثّقه الأرقام والمؤشرات. والعودة إلى قراءة مستويات أسعار خام الفوسفات قبل وبعد الخصخصة، يعري زيف تلك المواقف، بغض النظر عن أسبابها ودوافعها.
تفسير الحالة توضحه الأرقام بشكل جليّ. فسعر طن الفوسفات الخام نما في العام 2008 من 190 دولارا، وصولا إلى 430 دولارا؛ فيما زادت قيمة طن الفوسفات المصنّع بأكثر من الضعف، لترتفع من 539 دولارا، إلى 1131 دولارا.
الأسواق العالمية وبورصة الفوسفات التي حلّقت نتيجة ارتفاع الطلب عليه، هما السبب وراء القفزات الكبيرة في نتائج الشركة، والتي بدأت تتراجع أيضا بعد فتح ملفات الفساد من قبل هيئة مكافحة الفساد، للسبب نفسه المرتبط بتراجع الأسعار عالميا.
ما قبل فورة الأسعار، وقبل الخصخصة، وصل سعر طن الفوسفات الخام، وتحديدا في العام 2006، إلى نحو 45 دولارا. وارتفع إلى 135 دولارا في العام 2007، ليقفز بعد ذلك إلى 430 دولاراً؛ بمعنى أن النقلة النوعية في أداء الشركة المالي ليس لها علاقة بالإدارة.
أما الحديث عن تحسن أحوال العاملين، والدور الاجتماعي للشركة، وربط ذلك بتغير الإدارة، فهو أيضاً حديث غير دقيق. ذلك أن المسألة ككل تتعلق، وببساطة، بمئات ملايين الدولارات التي هطلت على الشركة بسبب الأسعار العالمية.
تقرير لجنة تقييم التخاصية، وثيقة في غاية الأهمية. وعلى الجهات التنفيذية التي تتابع قضايا 'الفوسفات' لدى الجهات القضائية أو هيئة مكافحة الفساد، أن تستند إلى هذا التقرير باعتباره أحد البيّنات والأدلة ضد إدارة الشركة السابقة، في وقت تشير التسريبات إلى أن المتهم بهذه القضايا والمدان باثنتين منها، وليد الكردي، يسعى إلى تقديم تسوية مالية لم تحدد قيمتها بحسب العرض المقترح من طرف الكردي، لإغلاق الملفات وطيها.
وما جاء في التقرير يلزم استخدامه، كذلك، للضغط من أجل تعديل الاتفاقية المبرمة مع الشركة، لاسيما البنود المجحفة بحق الأردن، والمرتبطة تحديدا بحق الشركة في التنقيب عن المعادن، وعدم السماح لأي جهة أخرى بالتنقيب إلا بموافقة 'الفوسفات' نفسها.
في النهاية، الأرقام لا تكذب. وما يقال إن لم يُسند بها، يكون لا قيمته له. وإذا كان الكذب ممكنا في السياسة، فإن حباله قصيرة في الاقتصاد والمال.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة