السبت 2024-12-14 09:43 ص
 

أيهما أفضل للأردن؟

11:44 ص

ظل وضع الأردن الجيوسياسي لعقود موصوفا بكونه بلدا صغيرا محدود الموارد،وسط جيران أقوياء، وأنظمة معادية. وكان هذا الوضع بمثابة تحدٍ استراتيجي، تحول في بعض المراحل إلى مصدر تهديد، كاد أن يقوض سلطة النظام السياسي.اضافة اعلان

إلى الشرق كان العراق؛ بلدا موحدا وقويا يحكمه نظام حزب البعث، ورئيس متفرد بطموحات كبيرة هو صدام حسين. في الشمال سورية ببعثها الخاص، ورئيسها الكارزمي حافظ الأسد. لم تكن السعودية تمثل تحديا للأردن، لكن هواجس الماضي ظلت حاضرة في علاقات البلدين. وعلى الجهة الأخرى اتسمت العلاقة مع مصر على الدوام بحساسية شديدة، ورثها نظام مبارك من عهدي جمال عبد الناصر وأنور السادات.
تلك الوضعية على ما انطوت عليه من مخاطر، لكنها لم تتفوق على المصدر الأول للتهديد والمتمثل بإسرائيل.
بيد أن الوضع بات مختلفا اليوم؛ فالجيران الأقوياء، أصبحوا في أضعف حال. رحل الزعيم القوي صدام حسين، لكن العراق من بعده تحول إلى كيان مفتت، وميدان لصراع طائفي مرير. في سورية ورث السلطة الاسد الابن، لكن نظامة لم يصمد موحدا أكثر من عشرية واحدة، لم يسقط، لكن سورية كلها سقطت في بحر من الدماء، ليس معلوما متى تنجو منه.
السعودية تواجه تحديات كبيرة، وأسئلة صعبة ومقلقة حيال مستقبلها السياسي. مصر تخلت بعد ثورة يناير عن مقعد القيادة للعالم العربي، وليست مرشحة للعودة إليه قريبا.
لم تعد في الجوار الأردني أنظمة قوية تكن للنظام الأردني العداء، كما كان الحال أيام حكم 'البعث' في العراق وسورية. وأزيد من ذلك لم يعد هناك اليوم زعماء أقوياء ومنافسون في العالم العربي، لا بل إن جل الزعماء العرب حاليا إما غير موجودين على كراسيهم، أو أنهم مرضى يتلقون العلاج.
لكن الأردن لم ينعم بالهدوء بعد هذه التحولات السياسية؛ الأنظمة القوية والمعادية انهارت، لكنها خلفت من ورائها فوضى عارمة. أصبح لدينا في سورية عشرين.. ثلاثين جارا وأكثر على الحدود من شتى المليشيات والهويات، وبيننا نحو مليون سوري هجروا ديارهم زادوا من أعباء الاقتصاد والأمن.
العراق الذي كان لسنوات طويلة سوقا لبضائعنا ومنتجاتنا الزراعية، ومصدرا لنفط رخيص، تحول إلى دويلات على طول الطريق إلى بغداد، ولا يمكن لشاحنة أن تعبر دون أن تدفع الرسوم لدولة'داعش'. وحكومات ملونة بالطائفية في بغداد نداريها لأبسط الأمور. ومن هنا وهناك شبح الإرهابيين يخيم على الحدود ويفرض تأهبا عسكريا طويلا، وحربا جوية نخوضها لدرء المخاطر.
ترى، أيهما كان أفضل للأردن، أنظمة قوية، ومعادية في آن ،أم دول مفككة ومنهكة في الجوار؟
ربما لن يتأخر الكثيرون بالجواب؛ الوضع السابق أفضل دون شك مما هو عليه الآن.
لكن ليس خيارنا في الحالتين. لقد وجدنا هكذا في إقليم لم يحلم منذ قرن على الأقل بالاستقرار. والمرجح انه لن ينال حظه من الاستقرار في القرن الحالي.
لقد تمكن الأردن من التعايش مع وضعه الجيوسياسي السابق، وهو يجاهد اليوم لتطوير مقاربات سياسية وأمنية للتكيف مع التحولات الجديدة والخطيرة في البيئة الإقليمية. لكن حتى اللحظة مانزال نتلمس طريقنا، لأن المتغيرات من حولنا أسرع من قدرة الكمبيوتر على حسابها.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة