مضت حكومة د. هاني الملقي بتنفيذ الحزمة الثانية التي تتطلبها السنة الثانية من البرنامج الموقع مع صندوق النقد الدولي، آخر الخطوات كانت يوم أمس برفع أسعار الخبز، بعد أن زادت الضريبة على عديد من الخدمات والمستلزمات، بما فيها الخيار والبندورة.
الرواية الرسمية تؤكد أن قسوة الحال ستنجلي مع العام المقبل، وبذلك يكون الأردنيون وفّروا للخزينة المبالغ المطلوبة لتجاوز الأزمة المالية الخانقة التي يعاني منها الاقتصاد.
المشكلة أولا؛ بماهية الزيادات، فهي كاسحة وواسعة، وثانيا؛ توقيتها، الذي يأتي في ظل أزمات إقليمية مفتوحة، بالتزامن أيضا مع قصة القدس والاعتراف الأميركي بها عاصمة لإسرائيل، والتهديدات العابرة للحدود من دواعش سقطت دولتهم ويخططون للثأر من الكل.
الأردنيون، على اختلاف مستوياتهم المعيشية، متضايقون من القرارات الحكومية، كل لأسبابه، فالمواطن محدود الدخل يعلم أن ما لديه لا يكفي، والطبقة الوسطى مرعوبة من الانزلاق إلى ما دونها، فيما الفقراء صامتون، لا حول لهم في التعبير عن ضنكهم وأنّاتهم.
شبكة الأمان، التي تتحدث عنها الحكومة، ليست سبيلا للأمان، ولا يكفي ما تقدمه لحماية المجتمع من كل التبعات الاجتماعية للقرارات المالية الصعبة من ارتفاع لمعدلات الفقر والبطالة وانحسار للطبقة الوسطى، وتزايد الفجوة بين الشرائح الاجتماعية، لأن التكريس الحقيقي لتطبيق السياسات التنموية مفقود، وليس بالوارد، والشباب هم الضحية الأكبر لغيابها.
ما بعد القرارات 'الجريئة' للحكومة، ثمة أسئلة يستوجب طرحها، أهمها تلك المعلقة بفجوة الثقة القائمة، فهل تقلصت بعد زيادة الأسعار أم اتسعت؟، وهل صنعت السياسات 'الإصلاحية' التي تزعم الحكومة تطبيقها الأمل بالمستقبل عند المجتمع الذي يشعر أنه تُرك وحيدا لمواجهة الصعب؟.
المطلوب أولا، وهو المهم، عدم اقتراف أي خطأ مستفزّ للناس من باب تصريحات وتعبيرات غير مدروسة، خصوصا أن حساسية المجتمع تجاه المسؤولين وما يخرج منهم شديدة وبالغة، سيما أن الناس تكظم مشاعر سلبية وغيظا تجاههم، لأنهم يدركون أن أخطاءهم المتتالية وسياساتهم الفاشلة، على مدى عقود، هي المسؤولة عن هذه الحالة الصعبة، وهذا لا ينفصل عن فجوة الثقة.
العام الحالي، وربما الأعوام المقبلة، سيكون قاسيا على الأسر الأردنية، وشبكة الأمان الاجتماعي غير كافية، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر بمفهوم شبكة الأمان الاجتماعي، حماية للأمن الاجتماعي والاقتصادي، والعمل فورا على تحسين مستوى الخدمات المقدمة للأردنيين بعيدا عن أية ذرائع تعيق ذلك، من باب محدودية الموارد.
المرحلة صعبة وقاسية وأعباء الناس كبيرة، وعبور هذه الفترات الصعبة بات يحتاج إلى ميثاق وطني جديد، يعيد إحياء الأمل عند الناس، ويوفر الطاقة والروح المتفائلة لتجاوز قسوة المرحلة، خصوصا أن الخطاب الحكومي للناس غائب، والحديث الصريح معهم مؤجل إلا فيما يتعلق بضرورة استيعابهم للقرارات الصعبة.
بدلا من سياسة التبريرات، وعوضا عن خطاب التفسير، نحتاج أولا؛ إلى خطاب يرسم أفقا للناس ويضيء لهم آخر النفق، وثانيا؛ برنامج إصلاح اقتصادي حقيقي، يشغّل الشباب العاطل من العمل والأمل والمشغول بالمخدرات والعنف والأفكار المتطرفة، حتى نستعيدهم ليكونوا أداة بناء وتنمية.
المرحلة حرجة، والأردن تجاوز ما هو أقسى منها، لكن المطلوب عقلية مختلفة، تتفهم التحديات الماثلة أمامنا، وتعالجها بحكمة.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو