السبت 2024-12-14 06:23 ص
 

إرهابيون حتى يثبت العكس

08:35 ص

ثلاثة مستويات تعمل حاليا على الدفع بظاهرة الخوف من الإسلام إلى مراحل متقدمة، تعيد أجواء الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001 إلى الواجهة من جديد: الأول؛ الإجراءات الرسمية الآخذة في التصاعد منذ اعتداءات باريس الإرهابية؛ على المستوى الأوروبي بشكل عام، وعلى المستوى الفرنسي بشكل خاص، والتي تشمل سلسلة واسعة من الإجراءات الأمنية والتشديد على السفر، وتأشيرات الدخول وغيرها. ثم، الثاني؛ المستوى الإعلامي والدعائي الذي بات يشهد نغمة من التحريض وأشكال من خطابات الكراهية، والتي باتت تنتقل إلى المستوى الثالث الشعبي، والممارسات العدائية والتهديد والوعيد والتحريض، الأمر الذي دفع بعض وسائل الإعلام إلى وصف ما يحدث للجاليات العربية والإسلامية، وللمهاجرين واللاجئين، بأنهم جميعا إرهابيون حتى يثبتوا العكس.اضافة اعلان

هذه الأجواء تخلق في الوقت الحالي ردود فعل في العالمين العربي والإسلامي ذات طابع تبريري، قد تصل عند بعض الفئات إلى حد تسويغ أفعال الجماعات الإرهابية، على طريقة: 'شاهدوا ماذا يقولون وماذا يفعلون بنا'. ويتم استدعاء التاريخ وحقب الصراع الطويلة، لتسويغ ما يحدث والدفع بالمزيد من الحطب على النيران المشتعلة.
هذه البيئة يزدهر فيها التنميط الثقافي والسياسي الذي يشكل الأساس المتين لنمو التطرف المتبادل. وأكثر المناطق الرخوة التي تصيبها حمى 'الإسلامو-فوبيا' في هذا الوقت، هم المهاجرون واللاجئون؛ إذ شهدت مخيمات للاجئين في السويد سلسلة من الاعتداءات، كما تعرضت مساجد لاعتداءات متعددة، وكتابة عبارات مضادة، واحتجاجات يمينية متشددة في فرنسا، حيث حمل المتظاهرون شعارات 'أخرجوا المسلمين'، و'اطردوا الإسلاميين'. ووصلت الأحداث المعادية إلى نيويورك وكندا، حيث تم إحراق مسجد، ووقعت أعمال تحريضية شاذة، دفعت إلى تدخل رئيس الوزراء الكندي وعدد من السياسيين وقادة الفكر من مختلف الثقافات، للدعوة إلى وقف هذه الظاهرة. وعلى المستوى الإعلامي، ينتشر التحريض ونشر خطابات الكراهية بشكل متسارع. ولعل أبرز مظاهر السلوك التحريضي الإعلامي ما نشره رئيس تحرير صحيفة ايطالية يوم السبت الماضي تحت عنوان 'المسلمون الأوباش'، وبما دفع رئيس تحرير صحيفة إيطالية أخرى إلى رفع قضية ضد هذا الصحفي، متهماً إياه بالتحريض على الكراهية الدينية.
وفي مقابل الحال التي تتطلب الكشف عن مظاهر 'الإسلامو- فوبيا' في أوروبا وغيرها، فإن الانتباه إلى ما يحدث في الجبهة الأخرى هو الأصل. فموجات التبرير والتسويغ التي تستثمر ظاهرة الخوف من الإسلام للتبرير، المباشر أو غير المباشر، لما يحدث، يجب أن تُكشف وتُعرّى. كذلك، فإن ردود الأفعال الخجولة تحتاج إلى محاكمة من نوع آخر. فليس من المعقول أن يخرج فقهاء لإلقاء اللوم وتحميل مسؤولية الأعمال الإرهابية في أوروبا على النظام السوري، مع تجاهل الأسباب العميقة الأخرى. وليس من المعقول أيضا أن يخرج الأزهر بعد كل هذه العقود ليعلن عن مبادرة يسميها عالمية، لشرح الإسلام الصحيح للعالم.
مع كل هذه الأحداث العدائية، وكل التحريض المعادي لكتل بشرية كبيرة تحت وسم الهوية الدينية والإثنية، ومع كل الكراهية التي يصبها اليمين الأوروبي والغربي، ومع كل هذه الخروقات لحقوق الإنسان التي صدّعتنا بها أوروبا على مدى عقود، علينا أن لا ننسى أن الذين قتلوا العشرات من الأبرياء وجرحوا المئات، قاموا بفعلتهم وهم يصرخون بصيحات باسم الإسلام.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة