إلى الأمن العام

سأكتب من قلبي ...ذلك أن الحرف يكون أصدق حين يغمس , بنبض الوريد ...وأنا لا يعنيني أن أحلل , أو أفسر , أو أتحدث عن التنظيمات ...ولكني أود أن أكتب للذين يعملون في الأمن العام :- ضباطا وضباط صف وأفرادا ...اضافة اعلان

أدري أن صباحات بلدنا في الشتاء باردة جدا , وأعرف أنكم تصحون في السادسة ..في أول شقشقات للفجر , أعرف أيضا ...معنى الصحو مبكرا كل صباح ..وغرس شفرة الحلاقة في ماء بارد أو ساخن ولا فرق ثم حلق اللحية ...أعرف , ماذا يعني أن تقف في الطابور الصباحي , ويأتي الضابط المسؤول من أجل التفتيش على الهندام والقيافة ..أعرف ماذا يعني توزيع المهام في الصباح ..أعرف مسار الدوريات , وأعرف معنى الوظائف الثابتة ....والوظائف المتحركة , أعرف معنى ...أن يتفقد الضابط (الجرزاية ) ومعنى أن يكون الوسام على يمين الصدر أو على يساره ..معنى أن يكون النسر الذي يشير لدورة المظليين على الكتف أو الصدر أيضا ...أعرف معنى المسدس وتفقد (الباغة) وعدد الطلقات التي صرفها ضابط (العهدة) ومعنى النقص ومعنى الغرامة ...
أعرف ...معنى مجيء ضابط الصرف , الذي سيوزع على المرتبات جميعها راتب هذا الشهر , أعرف معنى ..(الأرزاق) التي تصرف للمخافر , للوحدات البعيدة ..لمراكز التدريب المزروعة في الصحراء ....أعرف معنى الدورات , وهل سيشمل الكتاب الذي يحتوي على موافقة الباشا , إسم مقدم ملفه أبيض ناصع ..كي يلتحق بدورة أركان , أعرف معنى إلحاق ضابط ..في الجيش , أو إلحاق فرد من المرتبات ...إلى مؤسسة حكومية ...أعرف معنى تجديد بطاقات التأمين الطبي للعائلة ..معنى (كرت ) المؤسسة الإستهلاكية العسكرية , وإنتظار الراتب من أجل شراء (جاكيت ) لاخر العنقود ...فالشتاء برده يلسع , والمؤسسة ..تزود الأفراد بملابس الأبناء ....أعرف معنى , أن يأتي ضابط العهدة ...ويوزع على الأفراد اللباس الجديد ...ويطلب العريف حسونه ...(جرزاية ) إضافية , ويعطيه ضابط العهدة واحدة ...فهناك زيادة لديه ..ولا ضير أن يوزع على الأفراد تلك الزيادة...
أعرف كل تفاصيل التعب , والصبر ...وأود أن أقول للعاملين في جهاز الأمن العام أن هذه المؤسسات , بناها أهلنا ..حين كانت بلادنا ...في حرب وتعب ونار ..حين كانت أشبه ببيت المتنبي :- ( على قلق كأن الريح تحتي ...تسيرني يمينا أو شمالا) وهؤلاء صبروا مثل أيوب , تحملوا كل أنواع الفقر ..وحاربوا دفاعا عن الأرض والعرض والدين ...وأمنوا لنا الشوارع ( بردوها) وأوصلوها لنا سالمة امنة ...
الجيش والأمن والمخابرات ..تلك ليست مؤسسات فقط , هي شرف الأردني ...وهي إنجازه وهي كل لحظة كبرياء تمر عليه , وهي السكر في (شايه) الصباحي...وهي ضحكة الأولاد , وهي الماء على طاولة الإفطار حين يصوم ..وهي التسبيحة في أول الفجر....
وما حدث يا سادتي .. هو تصرف فردي , فالأمن العام سيبقى إرثنا وتعبنا وشرفنا ..لن نسمح لعابث , أن يلوث ولو ذرة فيه .... وتأكدوا أن معنوياتكم إن بقيت عالية سيسلم البلد , ويسلم شرف البلد ... وتأكدوا , أنكم حين .. تمرون من جانب بيوتنا نلقي عليكم السلام ولو بالعيون ... وتأكدوا .. يا أطهر الناس ويا أجمل الصابرين ..ويا أحلى الرجال ... أنكم في الطليعة دائما ... وأنكم صبر البلد وكرامتها وأنكم ...في وريدنا مجراه , وفي عيوننا أنتم المحاجر ..حماكم الله .