الخميس 2024-12-12 10:42 م
 

اختاروا وزراءكم

07:42 ص

أُرسموا ملامح حكوماتكم القادمة, إفعلوا كما يبدو أن ممثيلكم في البرلمان , يفعلون..
لكم أيضاً أن تتخيلوا وتشاركوا في رسم صورة لشكل كبار المسؤولين الذين سيقودون مسيرة العمل العام وخدمة الوطن والمواطن في المرحلة القادمة, وإلا فكيف تكون 'المشاركة السياسية الحقيقية'..؟!اضافة اعلان

تخيلت وسط ما يجري في أروقة المشاروات الخاصة بخلق إجتماع نيابي توافقي تشاركي ..حول تسمية الرئيس الجديد ووزراءه , أو على الأقل وضع تصورات لسِماتهم ومزاياهم وكفاءاتهم العلمية والعملية ومواقفهم ومناقبهم, تخيلت أن تُتاح لنا الفرصة نحن المواطنين الذين غَمسنا أصابعنا بحبر الحكومة, وتجشمنا عناء التصويت والإنتظار, وإحتملنا الحيرة بين الصور والرموز, أن نضع نحن أيضاً تصوراتنا طالما أن موقفاً واضحاً توافقياً لا يبدو أنه سيأتي, وإجماعاً لا يُدرك يلوح في أفق المشهد النيابي التشاوري .
ماذا لو أُتيحت لنا فرصة أن ندلوَ بدلونا لإختيار مسؤولينا, من بين آلاف الأسماء المُتاحة والشخصيات المُرشحة والقامات التي إعتادت (التطقُم) وإنتظار إتصالٍ على هاتفها الخلوي كلما لاح في الأفق تغييرٌ وزاري أو تعديل..؟!
من أين سنأتي بوزراء يقبلون القسمة على رضى الكل, وإجماع الناس, وتوافق كل الأطياف والشرائح وكافة المنابت والأصول..؟! من هو الرجل الأفضل لملء المكان المناسب, ومن ذا الذي يحوز على أحترام الجميع, لكفاءته وإعتداله وسويته ونظافته, ويمكنه أن يُلملم شتات المواقف وتعدد الولاءات..؟!
برأيكم هل سنقدر على اختيار المناسب للمنصب المناسب, بعيداً عن عُقد الجهوية ومشاعر الأسرية والعشائرية أو الانتماءات الدينية او الحزبية, ماذا لو افتقرت قائمة الكفاءات المُتوافق علينا , من أحد أبناء عمومتنا أو أصحابنا أو كبارنا الذين قضوا اعمارهم ينتظرون ذلك الإتصال الذي لم يأتي حتى الآن؟!
ماذا لو إتفقنا الآن وأجمعنا على إختيار وزرائنا ..؟ لمن سنُكيل إنتقاداتنا كل صباح على برامج الإذاعات المحلية, وممن سنشكوا, وبوجه من نُفرغ جُم تعبنا ونكيل اتهامات الفساد والمحسوبية والشللية وسوء ادارة الوزارة والقطاع, لمن سنقول 'العدل, يامعالي الوزير' بعد اليوم..؟!
حسبنا أننا سعداء هكذا, يروحون ويجيئون, دون رأي أو مشورة منا, يُعَيَنون ويُقالون ونحن من يتلقى نتاج اداراتهم وقِصر نظر بعضهم, وتقاعسِ معظمهم, وصعوبةِ الوصول اليهم جميعاً.
ثم.. أتعرفون, سيتعذرُ علينا أن نجد بسهولة أصنافا مثل أولئك الوزراء الذين مروا علينا أو من ذلكم المغروزين الآن في خاصرة البلد..؟!
من أين سنأتي بوزراء من مُتفنني النفي الدائم ذو الأداء الاحترافي المهني الذي لا يُشق له تصريح, ذلك النفي الذي يكاد يُزعزع ثقتك حتى بما تراه عينيك ,ومن أين سنأتي بوزراء يقولون مساءً ما بدأوا نهاراتهم بعكسه, ثم عليك أن تُصدقهم في الحالتين .
كيف لنا أن نجد وزيرا بصمت بعضْ مَن يُسمون أنفسهم أدمغة الحكومة أو (التكنوقراط) أولئك الذين لا يتحدثون إلا بإنكار لأي تسريب في امتحانات التوجيهي, أو استنكار رواية الاعتداء على مُسن أو معاق أو حتى ذلك الذي يعاود التأكيد على ان مشكلة المخدرات في الاردن عابرة, وان تراجع النمو ظاهرة عالمية وأن مشاركاتنا في الاولمبياد هو لمجرد المشاركة ,ويدمنون توجيه نار الاتهامات للإعلام كمؤجج للفتن ومحرك للشرور.. أولئك الذين يَنأون بأنفسهم عن التصريح أو التلميح بشؤون وزاراتهم بصفتها أسرار عسكرية يُمنع الاقتراب منها أو التصوير.
من أين سنأتي بوزراء يتعالون على صغار الموظفين.. فيستهجنون تحية رجل الحراسة البسيط, مؤكدين له أن (حجمه) له يؤهله لتحية معاليه.. والآخرون الذين يُجَهِلون الصحفيين ويَطعنون الاستقصائيين منهم.. وأيضا أولئك الذين اعتادوا أن يشيعوا حالة من التفكير الإيجابي لدى الحاكم.. والمحكوم بالتأكيد في كل لحظة على أن 'كل الأمور تمام يا سيدي'..
من أين لنا بمسؤولين تُدهشنا أسماؤهم التي نسمعها لأول مره ثم نعرف انها كانت موجودة بقوة في اجزاء لا ندرك سبرها في الدولة, وآخرينَ تُداعب احلامنا أناقتُهم ونتحاكى طويلا بالطريقة التي أدوا فيها القسم 'بأن أؤدي واجباتي بأمانة..', بمسؤولين نشعر أنهم وزراء أولاد وزراء , منذ اللحظة الأولى التي يطلون بها على شاشة التلفزيون ليبدأوا 'في الحقيقة..' !؟
سنشتاق لهذه الطلة التي كنا قد تعودنا عليها, حتى جاء الإختبار الحقيقي لنا بأن نختار وزراءنا بأيدينا , لنُدرك أخيراً اننا عاجزون حتى عن أن نتخيل من هو المناسب للمنصب المناسب.
بصعوبة إستعدت نفسي من تخيلاتي لادرك أنه' لو إطلعتم على الغيب لإخترتم الواقع..'


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة