الأحد 2024-12-15 06:20 م
 

الأحزاب السياسية والفرص الضائعة

07:19 ص

النقاش الدائم الذي يجري عن غياب تأثير الاحزاب في الحياة السياسية إنما ينطلق من الرغبة والحرص على ان تأخذ هذه الاحزاب دورها الكامل والفاعل في الحياة العامة وفي كافة الأطر التي تقدم هذا الدور بشكل عملي ومؤسسي وقوي وفي اطار تجربة الاصلاح الشاملة والمشاركة في صنع القرار الوطني الشامل.اضافة اعلان


الخطوات التي اتخذتها الدولة الأردنية في اطار برنامج الاصلاح الشامل كانت واسعة لمساعدة الاحزاب والنهوض بها او بالاحرى لتنهض بنفسها وتتقدم وتكون جاذبة للناس

للانتساب اليها وترتبط ببرامجها، بأن تكون هذه البرامج مقنعة للمواطنين وتدفعهم للتصويت لمترشحي الاحزاب في مختلف الانتخابات التي تجري وهي كثيرة وشهدنا خلال أقل من عام ثلاث انتخابات أساسية هي البرلمانية العام الماضي ومجالس المحافظات والبلديات منتصف آب الماضي، لكن للاسف كانت النتيجة هي ذاتها اخفاق الاحزاب بالوصول ولو بالحد الادنى للفوز بمقاعد ذات أثر في هذه الانتخابات ففي البرلمان مثلا كان حضور المرأة من حيث العدد اكبر من أي كتلة حزبية وفي الانتخابات البلدية ومجال المحافظات كانت النتيجة متواضعة وبقيت الاحزاب خارج السياق، وفي خانة عدم الحضور وبالتالي البقاء بلا تأثير في الحياة السياسية ومكانتها بقيت على هامش اهتمام المجتمع.

كانت أمام الاحزاب عقبات موضوعية تقف امام مسيرتها في العقود الماضية وهذا الامر انتهى الى حد بعيد، وحتى الارتباط الاداري تم نقله من وزارة الداخلية إلى وزارة التنمية السياسية،

كإشارة إصلاحية وفتحت الابواب عبر هذه الوزارة والوزراء الذين تعاقبوا عليها بروحية عالية وانفتاح خصوصا وان غالبية وزراء التنمية السياسية كانوا ايضا اصحاب تجربة وخبرة حزبية طويلة ولهم باع في العمل العام وايضا لهم المصداقية والاحترام.

وفي كل المناسبات عندما تتحدث الحكومة ووزير التنمية السياسية المهندس موسى المعايطة عن واقع الاحزاب فانهم ينطلقون من باب الحرص على نهوض الاحزاب والاصرار على ذلك وتقديم كل ما هو ممكن لهذه الغاية من اجراءات بما فيها نظام الدعم المالي و لكي تمضي مسيرة الاحزاب وتتعزز بلا عقبات أو قيود وحتى في حالة حدوث أي اشكالات فان الحلول تكون على الدوام في حدود القانون والممكن وتحصر في سياقها، وغالبا ما تختفي وتطويها التطورات ليبقى المشهد الايجابي هو السائد واساس العلاقة بين الدولة ومؤسساتها والطيف الحزبي.

وفي المقابل وفي سياق بحث الاحزاب عن الحل لمشكلة الغياب عن الحياة العامة فلم يسمع أحد عموما ان الاحزاب وقفت وقفة تقييم ومراجعة، بعد كل هذه التجارب وهذه الفرص التي اتيحت لاخذ دورها في الحياة العامة وضاعت، فلربما باتت الحاجة ملحة للدخول في خلوة حزبية ذاتية تتبعها سلسلة من الخلوات مع الحكومة وايضا مع قطاعات الرأي العام ومؤسسات المجتمع المدني وكل من يهمه الامر، لطرح سؤال والاجابة على سؤال واحد فقط وهو لماذا يتواصل فقدان اثر الاحزاب السياسية في الحياة العامة؟! رغم رغبة الجميع بما فيهم الحكومة أن تأخذ هذه الاحزاب دورها ومكانتها المطلوبة في إطار مسيرة الإصلاح الشاملة.

لا أحد اليوم يريد اجهاض الاحزاب ولكن يتبدى للجميع المشهد المؤسف للواقع الحزبي، وكيف يمكن انفاذ الخطوات الاصلاحية بتشكيل الحكومات البرلمانية في ظل غياب شرط وجود الاحزاب الحاضرة والفاعلة وبقاء الاحزاب في حالة انحسار وعدم القدرة على اقناع المواطنين بالتوجه للاحزاب لغياب البرامج والتمسك بالشعارات التي لم تعد تنتج في ظل تبدل الاولويات والاهتمامات لدى الناخبين خصوصا ان ثوابتهم الوطنية والقومية راسخة ومتجذرة ولا تضيف اليها ادبيات الاحزاب شيئا يذكر.

اكبر الفرص التي يجب ان تستثمر فيها الاحزاب هي برنامج الاصلاح الشامل، والارادة بانفاذ كافة استحقاقات هذا البرنامج بما يعزز الديمقراطية بكافة اوجهها واشراك الجميع في صنع القرار الوطني، فلتتقدم الاحزاب للعمل والنهوض واقناع المواطنين ببرامجها حتى لا تبقى الاحزاب اقرب الى الواجهات التي لا تعني سوى قياداتها وهذه القيادات مهما كان اثرها فانها لا تستطيع ان تنهض بحياة حزبية الا اذا اقتنعت بارساء الديمقراطية داخل الاحزاب ذاتها قبل الانتقال بها الى الحياة العامة.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة