السبت 2024-12-14 09:43 ص
 

الأردن أمام الهلال الشيعي مجددا

06:27 ص

قبل سنوات حذّر الاردن من الهلال الشيعي، ولقي الاردن يومها حفلة من النقد من دول كثيرة اعتبرت ان الاردن يبالغ في رؤيته للمستقبل.اضافة اعلان

المحور الايراني العراقي السوري، ومعه حزب الله، والكتل الشعبية في دول الخليج العربي، محور لا بد من اعادة تقييم قوته، بعد المستجدات.
هناك قراءتان امام هذا المحور الممتد او ما يتم اصطلاحا تسميته بالهلال الشيعي، واحدة تميل الى اعتبار الهلال الشيعي انتهى وتهاوى وسلم آخر أوراقه مقابل البقاء فقط، والثانية تراه خرج قويا من الحلبة، وسوف يتقاسم المنطقة، ضمن إعادة رسم النفوذ فيها.
معيار التقييمات الذي يتم اللجوء إليه في القراءة الاولى يقول ان دمشق نزعت سلاحها الكيماوي، وطهران نزعت سلاحها النووي، والبلدين تحت وطأة الديون المالية، والخراب الاقتصادي، وان ما حدث مؤخرا، لا يعتبر نصرا ولا حتى نصرا مجدولا، فقد استسلم هذا المحور، تحت وطأة العقوبات والثورات والحروب، فوق ما في العراق من أزمات تحاصر حكومته المركزية، وتحوصل حزب الله في حسبته الداخلية امام بقية الفرقاء في لبنان.
القراءة الثانية تقول ان ما شهدناه من صفقة لتسليم السلاح السوري، وتفاهمات طهران مع العالم بشأن السلاح النووي، مؤشرات على ان هناك صفقة سرية أفضت الى هذه النتائج، وان دمشق وطهران لم تتنازلا عن الكيماوي والنووي، لولا ان قبضتا الثمن مسبقا.
هذا الثمن يتعلق باستسلام الغرب ومصالحه لفكرة المعسكر المشاغب الذي يسبب الصداع، والذي يحتمل كل الضربات، ولم يتوقف عن بعثرة حسابات الغرب ومصالحه قرب اسرائيل وفي الخليج العربي، ويرى اصحاب هذه القراءة، ان هناك اعادة ترسيم للمنطقة، وثرواتها ومراكز نفوذها، وان هناك اقرارا غير معلن بقوة الهلال الشيعي، وضرورة الوصول الى تسوية معه، بدلا من محاربته، وهذا يفسر ربما غضبة الاسرائيليين والعرب، الذين على ما يبدو اعتمدوا القراءة الثانية، لان هناك طرفا تم تعميده في المنطقة عنوة.
أعتقد ان القراءة الثانية هي الأعمق، حتى يثبت العكس، خصوصا، ان لا دول عربية واقليمية كبرى سنية، قادرة على الوقوف حتى الان أمام أي صفقات، والدول العربية والاقليمية السنية الكبرى منقسمة، اساسا، بين من يؤيد الاخوان المسلمين في وجه الهلال الشيعي، وبين من يرى ذاته ضد الاخوان المسلمين والاسلام السياسي السني معا، وهذا مخير بين نارين، الهلال الشيعي او هلال الاخوان المسلمين ويرفض كلا الهلالين، وهذا الرفض سيجعل كل الحسابات والفواتير تتنزل عليه حصريا، لكونه لن يكون طرفا في إعادة رسم المنطقة.
الأردن من هنا، دولة معتدلة، وجوارها حساس جدا، وحوله أزمات متفجرة، ويخضع لوضع اقتصادي صعب جدا ، وهو هنا، في حالة تكريس الهلال الشيعي، كطرف أساس، أو منحه حصته في المنطقة، سيجد نفسه أمام حالة محيرة سياسيا.
لا نستبصر بالغيب، لكننا قد نجد أنفسنا بعد قليل امام اعادة ترسيم للدول وللقوة وللنفوذ السياسي والديني، في المنطقة، فوق تقاسم الثروات من الماء والغاز والنفط، وهذا يعني ان الاردن على صغر مساحته، وحساسية خاصرته، عليه ان يستعد لكل الاحتمالات، وان يتنبه الى ما هو مقبل وآت، في ظل الاعراب الجديد، واعادة الاعراب السياسي لكل دول المنطقة.
علينا ان نتذكر ان القراءة الثانية لو صحت، فهي ستعني عمليا قفز العالم، عن مصالح دول عربية كبرى، أهم منا، وتجاوز هواجسها ومخاوفها، لصالح صفقة مع الهلال الشيعي، واذا كان الغرب قادراً على تجاوز هذه الدول بما له فيها من مصالح، فماذا نقول عن الاردن الذي يعيش على المساعدات، وامكانية المقايضة على الدور تبقى محدودة، حتى من باب الامن الاقليمي والدولي، وما يخص مخاوف اسرائيل ايضا في المنطقة؟!.
من السطحية قراءة المشهد بالمناسبة، من باب السخرية والقول ان دمشق وطهران، سلمتا سلاحهما، ونزعتا كسوتهما علنا، لأن المؤكد ان ما نراه لم يكن الا بعض صفقة سرية بين الهلال الشيعي والعالم، فيها شروطها ومزاياها المستجدة، وفيها ايضا من سيربح ومن سوف يخسر، في اعادة انتاج للقرن الواحد والعشرين، وكأننا كل مطلع قرن جديد نعيد رسم المنطقة.
هذا ملف بحاجة الى قراءة عميقة، من أهل العلم، والراسخين فيه.!


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة