الاحتجاج بالبرتقال!

لا نظن أن يكون مزارعو الحمضيات قد ألقوا بالبرتقال على الشوارع يريدون من الحكومة أكله، أو عصره، أو تحويله إلى مربيات. فإذا كان الانتاج كثيراً فلنحمد الله على نعمته، وإذا هبطت أسعاره فإن علينا تسويقه خارج الأردن، وإذا كانت الأسواق حولنا مشبعة بالبرتقال أو الليمون، فإن تصنيعه أربح وأطعم!!. ولكن الأردنيين الذين يطالبون الحكومة إذا هبطت أسعار البندورة أو الخيار أو الحمضيات، مطلوب منهم إنشاء تعاونيات تصنّع الفائض أو تسوّقه في أوروبا. وقد ابتدع جيراننا السوريون صناعة الكونسيورة للفائض الهائل من مشمش الغوطة، فكان قمر الدين، والفواكه المحفوظة بالسكر أو بالمعلبات. وكذلك الخضار الفائضة التي تتحوّل إلى رب البندورة، والكاتشب وإلى المخللات الشهية.اضافة اعلان

إلقاء الفواكه، والبندورة، وصب الحليب في الشوارع ليس حلاً اقتصادياً. والحكومات لم تلزم الناس بزراعة أي شيء، وعلى الناس أن يطالبوا بما يعينهم على حل مشاكل الانتاج لكن الاحتجاج على طريقة الاحزاب المفلسة، فهذا ما لا نريده لفلاحنا، ولأخلاقه الوطنية التي نفاخر بها.
لتنشأ في وزارة الزراعة مكاتب: للحبوب وللخضار، وللفواكه، وللزيتون، وللاعلاف الخضراء ولتربية الاغنام والابقار والجمال، فقد كنا نقول: ان وزارة الزراعة لا تزرع لكنها تخلق الظروف وتوفر الوسائل لزراعة ناجحة ترضي المنتج وترضي المستهلك.
لقد كنا نصيح ايام زمان، كيف ان موازنة وزارة الزراعة خمسة ملايين دينار، وموازنة التلفزيون الضعف، ونقرأ في كتبنا ان الاردن بلد زراعي.
على الدولة ان تفعّل وزارة الزراعة، وان تضم اليها سلطة وادي الاردن، فهذه السلطة اقامت الأقنية، وشقت الطرقات، وبنت السدود والمدارس والبيوت، والله يعطيها العافية، لكن كل شيء بعد ذلك هو .. زراعة!!
لماذا مثلاً لا تكون المياه المنقاة الخارجة من مادبا والكرك والطفيلة ومعان واربد والرمثا تحت تصرف مكتب الأعلاف في وزارة الزراعة والإفادة من هذا الماء في زراعة الأعلاف ونحن نستورد 500 ألف طن منها.. وندعم أسعارها لمصلحة مربي الأغنام دون الأبقار؟؟.
إذا بقيت وزارة الزراعة على ما هي، فإن الفلاحين سيبقون يرمون بالبرتقال والبندورة ويريقون الحليب في الشوارع!!.