أشار الدكتور عمر الرزاز في مقالة له نشرت في 'الغد'، بتاريخ 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، بعنوان 'هل سيتمكن الأردن من استغلال الثورة الصناعية الرابعة؟'، إلى الفرص والتحديات في التحولات الكبرى والجذرية التي تجري اليوم في اقتصاد القرن الحادي والعشرين. ومؤكد أنه يضع باعتباره، تبعا لذلك، أن استيعاب هذه التحولات يبدأ بالتعليم. فمن الواضح أن التعليم في بلادنا؛ بمؤسساته وفلسفته ومناهجه القائمة، يمثل استجابة لمرحلة الدولة الحديثة التي سادت في العالم بعد الحرب العالمية الأولى، حين كان عدد الدول المستقلة عشية الحرب لا يزيد على 25 دولة، فيما عددها اليوم حوالى 200 دولة. لكن، ولسوء أو حسن الحظ، فإن الدولة الحديثة تواجه تحديات كبرى تغير في دورها وطبيعتها، بسبب تغير التقنية والأسواق والموارد والاتجاهات السياسية والاجتماعية تغيرا كبيرا، ولم تعد المؤسسة التعليمية قادرة على الوفاء بالمتطلبات الجديدة والمتغيرة، والحال أنها -بمؤسساتها وفلسفتها وإدارتها ومناهجها- تنتمي إلى مرحلة لم تعد قائمة؛ بمعنى أنها تعلم الأجيال ما لم يعد مفيدا، ولا تعلمهم ما يفيدهم؛ وأنهم يتخرجون من المدارس والجامعات بلا مهارات ومؤهلات تستوعب التحولات الجذرية في الأعمال والأسواق والمهن والمهارات الجديدة التي تحتاجها.
إن مراجعة العملية التعليمية لتستوعب التحولات الكبرى، ليست ضرورية فقط للملاءمة بين المؤهلات والأعمال الجديدة، لكنها ضرورية أيضا لتمكن السلطة والمجتمعات والأسواق والنخب والطبقات من استيعاب التحولات الاقتصادية والاجتماعية المصاحبة.
فالتقنية الجديدة تعني موارد جديدة، وأسواقا وأعمالا جديدة، وبطبيعة الحال أوضاعا اجتماعية وسياسية وثقافية جديدة. وفي ذلك تتشكل أسئلة بدهية وتلقائية، متصلة بمراجعة التعليم: ما المهارات والمعارف التي يجب تعلمها؟ وما القيم التي يجب بناؤها واقتباسها؟ ثم، ماذا يمكن إنجازه من خلال الشبكة والحواسيب، وما الذي لم يعد له حاجة طالما يمكن تحصيله من خلال الشبكة؟ ما الدور الجديد للمدرسة والمعلم؟ وبطبيعة الحال، ما الذي يجب الاستغناء عنه في المدارس؛ فلسفتها وتنظيمها وإدارتها؟ ما المهارات والمعارف والقيم الجديدة للمعلمين؛ ما الذي يحتاجون إليه وما الذي لم يعد له ضرورة؟ ما الدور الجديد المفترض للأسرة في العملية التعليمية؟ ما العلاقة المطلوبة بين المجتمع والمؤسسة التعليمية؟ وما المسؤوليات الجديدة للمجتمع ممثلا بالبلديات ومنظمات المجتمع والتنظيمات الاجتماعية، على مستوى المحافظات والمدن والأحياء؟
فإذا كان ممكنا تقديم المحتوى التعليمي من خلال الألواح والحواسيب، وإذا كان ممكنا تقديم أفضل الدروس والمحاضرات من خلال الشبكة... هل تظلّ العملية التعليمية تعتمد على أسلوب ينتمي إلى مرحلة انحسرت ولم تعد موجودة؟
لقد تشكلت إجابة متكررة ومتداولة بأن 'الإبداع' هو المهارة الأساسية التي يجب تعلمها، وإن تفكيرا تلقائيا بذلك يقود إلى أن الإبداع ليس موهبة أو مهارة مباشرة يمكن تعلمها مثل القدرة على تسديد الكرة في الهدف، لكنه محصلة منظومة شاملة من القيم والسياسات والأفكار في السياسة والإدارة والأسواق والمجتمعات، تبدأ بالحرية مرورا بالعلوم والمعارف المؤسسة للإبداع، وفلسفة التعليم والامتحانات والتقييم، والثقافة والقيم التي تنشئ الإبداع أو تتشكل حوله.
ولا يمكن بالطبع القفز عن الحقائق والمعطيات الأساسية المتعلقة بالميزانية والإنفاق على التعليم، وبمستوى المرافق التعليمية وصلاحيتها، ووجود المدارس ابتداء وانتشارها بالنسبة للمدن والبلدات والأحياء، وعدد السكان وفرص الوصول إليها بسهولة، والمباني المدرسية في سعتها وتصميمها وخدماتها والساحات والمختبرات والمكتبات والإضاءة والتهوية.
والحال أنه لا يمكن النظر إلى التعليم مستقلا عن تخطيط المدن والبلدات والبيئة الشاملة المحيطة بحياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والمغامرة بالسؤال المكتوم: ماذا نحب ويجب أن نكون عليه؟
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو