الإثنين 2024-12-16 01:04 ص
 

التوجيهات الملكية لخدمــة المواطــــن

12:23 م

جاءت التوجيهات الملكية السامية للحكومة لمحاسبة أي مسؤول مقصر في خدمة المواطن واضحة ومثلجة للصدر لغايات القضاء على الفساد الإداري ومحاسبة المقصرين بواجباتهم الوظيفية سواء أكانوا مسؤولين كبارا أم موظفين، ووضعت هذه التوجيهات الملكية الكرة في مرمى الحكومة لعمل ثورة بيضاء في لاصلاح لاداري والمالي وفي مرمى المجتمع لتغيير ثقافته المجتمعية.اضافة اعلان


فأبجديات واجب الموظف أنى كان سواء في القطاع الخاص أوالعام تقوم على تقديم الخدمة المميزة عن طيب خاطر لمتلقي الخدمة، وواجب المسؤول إحترام الموظف وتحفيزه إن كان مبدعا وتوجيهه ومساءلته إن كان مقصرا، لكن للأسف معظم الممارسات على الارض فيها من السلبيات الكثير، والأصل أن نعترف أولا بأن الترهل لاداري ولابتزاز الوظيفي والتقصير وعزف لاوتار وعدم إتقان العمل أوالقيام به خير قيام والواسطة والمحسوبية والشللية والفساد لاداري والمالي وغيرها موجود عند بعض أصحاب النفوس المريضة.

كما نقرّ بأننا نستطيع من خلال الحكومة لالكترونية وأتمتة وحوسبة بعض الخدمات التخفيف من بعض قضايا التقصير في الوظيفة العامة، لكن لاهم أن نضع مخافة الله بين عيوننا ومحاسبة الضمير في وجداننا والجانب لانساني ومواطنتنا وإنتماءنا في قلوبنا لتستقيم لامور بوازع داخلي، فكثير من الموظفين يعملون إرضاء للمسؤول وأمامه فقط دون العمل بمؤسسية أوبمنظومة أخلاقية اووظيفية أوضميرية، وكثير من المسؤولين -وخصوصا من خدمتهم طويلة- ينظرون لمؤسساتهم كمزارع أومملكات تؤهلهم لابتزاز موظفيهم دون مساءلة!

حتى في رمضان الرحمة والعطاء ولانتاجية يتذرع البعض ويستغله لتأجيل العمل أوالعمل بإستبطاء أوالتبجح بحجج واهية للمغادرة وتقليل لانتاجية وتأخير متلقي الخدمة دون خوف أووجل أوضمير يحاسبهم، وأعجب من أننا ندّعي لايمان والضمير والبعض لا يقوم بواجبه على ما يرام! وأعجب لماذا نرى الغرب يقومون بواجباتهم على أتم وجه رغم أننا ننعتهم بالكفر! ففي القلب غصة، ونتطلع لمحاسبة كل مقصر لان الدين المعاملة.

ربّما وضع مؤشرات لاداء القابلة للقياس والتقويم المستمر والمحاسبة والمساءلة وتطبيق لغة القانون دون مواربة ستضع حدا لكل من تسول له نفسه بالعبث بالعلاقة الوظيفية المحترمة بين الموظفين والمؤسسات من جهة وبين متلقي الخدمة من جهة اخرى، ولذلك فمطلوب منّا أن تكون مؤسساتنا الحكومية والخاصة رشقة وتسعى للخدمة لا صنع مسؤولين هوامير أومقدمي خدمة إنتهازيين، لان لاصل خدمة المواطنين وإحترامهم دون منّة، ومطلوب منّا أن تنعكس الخطط لاستراتيجية والتطويرية على صغار الموظفين مقدمي الخدمة، وإلا فإن هذه الخطط تدخل باب التنظير ولابراج العاجية.

فمهما غلّظنا العقوبات على المقصرين في الوظيفة لا جدوى فعالة دون وجود الضمير والجانب لانساني اللذان هما أساس إتقان العمل وتقديم الخدمة المثلى للمواطنين، ونتطلع لتغييرات جذرية في منظومة العلاقة بين متلقي الخدمة ومقدميها وبين المسؤولين والمرؤسين.

فالإدارة الحكومية تعاني من ترهل إداري عام وأحياناً بيروقراطية مقيته وشخصنة، وفيها ما فيها من حمولات زائدة بُغية محاربة الفقر والبطالة من خلال البعد الإنساني، وهذا كلّه يؤول إلى محاربة الشفافية والإبداع والتميز كمفاهيم عصرية تحاكي ثقافة الإنتاجية والعطاء بدلاً من الكلاسيكية المملّة، وأؤكّد بأن ثقافة الواسطة والمحسوبية ما زالت متواجده وأحياناً سائدة وهذا كنتيجة حتميّة لعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب مما أدّى لظهور بعض حالات الفساد. ومعلوماتي تقول بأن موظفي الدولة بالمجمل وبالمعدّل –إلّا فئة قليلة منهم- لا يعملون أكثر من ساعتين من أصل ثماني ساعات يومياً، أي أن إنتاجيتهم تكون في رُبع وقت دوامهم والباقي وقت ضائع، وهذا هدر للمال العام للدولة وإحجام عن خدمة المواطن على السواء. وبالطبع ليس المقصود هنا جلد الذات بل الإيمان بضرورة التطوير والتغيير.

الرؤى الملكية السامية لتطوير الجهاز الإداري للدولة تنبثق من مأسسة ثقافة التميّز وإنعكاسها كخدمات نوعية على المواطن، وهذه الثقافة هي السبيل الأوحد للخروج من عنق الزجاجة في الترهل الوظيفي لغايات النهوض بالأداء صوب التميز والإبداع وخلق ثورة بيضاء للقضاء على مشاكل وهموم وتحديات القطاع العام، بل والسعي لخلق فعالية الإنتاجية لدى موظف القطاع العام من خلال حُبّه وتمسّكه بالوظيفة فعلياً لا شكلياً، وخلق البيئة المناسبة لزيادة إهتماهه بالمراجعين ومتلقي الخدمة والإبتسامة في وجوههم على الأقل، ولتكون ثقافة التميّز والسعي إليها سلوكاً يومياً لا تجمّلاً. وبالطبع لن يتم ذلك إلّا من خلال خلق نظامين تشريعيين يُطبّقا بشفافية على أرض الواقع: النظام الأول للمساءلة والآخر للحوافز التشجيعية ومكآفأة الإبداع والتميّز الوظيفي.

مقارنة بسيطة وشكلية بين القطاعين العام والخاص تُظهر إنتاجية أكبر، وتُظهر إدارة فاعله، وتُظهر مؤسسات رشيقة، وتُظهر أوقات عمل مُستغلّة دون ضياع، وكلها تميل لصالح القطاع الخاص رغم أن العاملين جُلّهم أردنيين لكن الإختلاف في آلية وشفافية إنتقاء الموظفين وخبراتهم، وربما الثقافة السائدة لدى المواطنين بأن القطاع العام مؤسسة «مشاع» للوطن والمواطن ورواتب موظفيه حق للموظفين في ظل الدولة الرعائية وهم يبحثون عن مصادر دخل أخرى من خلال اللجان والأعمال الأخرى لزيادة مدخولاتهم في ظل أوضاع إقتصادية غير مُشجّعة وأسعار سلع مُطّردة.

بصراحة مُطلقة الإدارة الحكومية باتت بحاجة ماسة اليوم وقبل غد لثورة بيضاء للقضاء على ترهلها، وبحاجة لمأسستها من خلال تخطيط إستراتيجي مدروس وخطط تنفيذية فاعلة لا فزعويّة ومؤسسية لا فردية أوشوفية، وبحاجة ماسة لتغييرات جذرية في وجوه الصفين الأول والثاني، وجلالة الملك دقّ ناقوس الخطر وووضع الكرة في مرمى الحكومة وأصابعه على المرض المستشري في بيروقراطية الجهاز الحكومي ومحاسبة ومساءلة المقصرين، صوب إنعكاس الخدمة على المواطن ومتلقي الخدمة، ليعزز ذلك روحية العطاء لدى الموظفين وإحترامهم للمراجعين وينبذ سلطوية وعُنجهية بعضهم وهدرهم للوقت والإتجاه صوب تجذير ثقافة التميز والإبداع في العمل العام، وليكون الموظفون المتميزين والمؤسسات المتميزة نموذجاً يُحتذى أمام أقرانهم صوب إدارة حكومية أكثر فعالية.

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة