الأحد 2024-12-15 03:13 م
 

التونسيون يطالبون قائد السبسي بـ"جرأة بورقيبة"

11:32 ص

الوكيل - يواجه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي انتقادات من قبل الائتلاف الحزبي اليساري المعارض 'الجبهة الشعبية' الذي لم يتردد في التشديد على أنه تنقصه جرأة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة بشأن إقرار مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات وكذلك بشأن إطلاق مشروع إصلاحي وطني كبير يشمل جميع المجالات ويستجيب لتطلعات التونسيين إلى التنمية والحرية والديمقراطية ويفتح أمامهم آفاق جديدة في إطار دولة المواطنة.اضافة اعلان

وتصاعد منسوب انتقادات اليسار بصفة عامة خلال الأشهر الأخيرة على خلفية الصعوبات التي تواجهها حكومة الحبيب الصيد الائتلافية بين علمانيين وإسلاميين في التعاطي الناجع مع الملفات المطروحة على البلاد وفي مقدمتها إطلاق برنامج تنموي وسياسي واجتماعي كفيل بإنقاذ تونس من الأزمة التي تتخبط فيها مند أكثر من أربع سنوات' وألقت بضلال على الشأن العام.
وتقول الجبهة الشعبية المعارضة التي يمثل القوة الانتخابية الرابعة إن تونس في أمس الحاجة إلى 'إطلاق مشروع وطني إصلاحي كبير' يصهر قوى المجتمع الحية في سياسات تلامس مختلف القضايا التي تشغل اهتمامات الرأي العام بعيدا عن بعض القرارات والإجراءات الترقيعية التي لا ترقى إلى مستوى الحلول الجذرية للمشكلات التنموية والاجتماعية.
ولم يتردد حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية في التأكيد على أن قائد السبسي 'تنقصه جرأة بورقيبة' في تعليقه على قرارات اتخذها الرئيس التونسي لفائدة المرأة التونسية بمناسبة احتفالها بعيدها السنوي الموافق ليوم 13 اب(اغسطس )من كل عام ملاحظا أنه كان ينتظر إقرار تشريعات جديدة تخص المرأة وتتعلق أساسا بالمساواة التامة بينها وبين الرجل.
وكان قائد السبسي أعلن عن قرارات لفائدة المرأة في ذكرى احتفالها بإصدار قانون الأحوال الشخصية الأسبوع الماضي أهمها المساواة بين المرأة والرجل في الولاية على الأولاد القصر والمساواة في الأجرة بين المرأة والرجل في مجالي الفلاحة والصناعة.
غير أن قوى اليسار التي تقدم نفسها على أنها تقود مشروع الحداثة اعتبر تلك القرارات دون انتظارات المرأة التونسية حتى أن الهمامي شدد على أن قائد السبسي ضيع فرصة في مجال حقوق المرأة مشيرا إلى أن الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة لم يكن يضيع مثل هذه الفرص لافتا إلى ان 'السبسي تنقصه جرأة بورقيبة'.
ويلقب التونسيون بورقيبة بـ'محرر المرأة' لكونه استمات في الدفاع عن إصدار قانون الأحوال الشخصية العام 1956 غداة استقلال تونس عن الاستعمار الفرنسي وقاد معارك ضارية ضد قوى المجتمع التقليدية أنداك التي كانت ترفض حرية المرأة ومشاركتها في الحياة العامة.
ويعد قانون الأحوال الشخصية مكسبا تاريخيا للمرأة التونسية لكونه نص على حقوقها وواجباتها في إطار مبدأ المواطنة كما منع تعدد الزوجات.
وبات قانون الأحوال الشخصية على امتداد أكثر من خمسة عقود بالنسبة للتونسيين والتونسيات لا رمزا لحرية المرأة فقط بل رمزا للحداثة السياسية والاجتماعية والثقافية وأيضا حصنا منيعا ضد أي قوة تستهدف المشروع الوطني الحداثي الذي قادته دولة الاستقلال بزعامة الحبيب بورقيبة.
يرجع اليسار التونسي عدم اتخاذ قائد السبسي قرارات جريئة لفائدة المرأة التونسية خاصة في ما يتعلق بتكثيف تواجدها في مراكز القرار السياسية والإدارية إلى ما يقول 'حسابات سياسية'.
وقال حمة الهمامي 'إن قائد السبسي لم يكن جريئا في قراراته التي أعلنها لفائدة المرأة' لافتا إلى 'وجود حسابات سياسية تمنعه من اتخاذ قرارات حاسمة متعلقة بالمساواة التامة بين الرجل والمرأة تطبيقا لما جاء في الدستور' وذلك في إشارة ضمنية إلى حركة النهضة التي تشارك في حكومة الحبيب الصيد يقودها حزب نداء تونس صاحب الأغلبية البرلمانية.
وأضاف 'انتظرت إجراءات أكثر جرأة من السبسي...إجراءات تكرس الفصل 45 من الدستور'' متابعا 'إذا كان قائد السبسي بورقيبي فقد أضاع الفرصة'.
وينص الفصل الدستور الجديد على أن الدولة تلتزم بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة وتعمل على دعمها وتطويرها وعلى أن الدولة تضمن تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل في تحمل مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات' كما ينص على 'تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة.
وترى منظمات نسوية وناشطات حقوقيات أن المرأة تعيش حالة تهميش من مراكز القرار السياسي والإداري وأنه على الرغم من مرور عام ونصف العام على صدور الدستور الجديد لم تتخذ الدولة تشريع جديد يخص المرأة والمساواة التامة مع الرجل.
وشدد الهمامي على أنه 'آن الأوان لإعطاء قيمة للمرأة التونسية بهدف مواجهة الحركات التي تحول المرأة إلى بضاعة' في إشارة إلى الجماعات الإسلامية التي قويت شوكتها في البلاد وهي جماعات ترى في قانون الأحوال الشخصية 'قانونا علمانيا يتناقض مع الشريعة الإسلامية.
وتتجاوز انتقادات اليسار لسياسة قائد السبسي بشأن المساواة التامة بين المرأة والرجل لتلامس السياسات العامة وكيفية التعاطي مع الأزمة التي تعيشها البلاد حيث يعتبر أن إنقاذ تونس' يستوجب صهر القوى الديمقراطية في مشروع إصلاحي وطني كبير على غرار المشروع الذي قادته دولة الاستقلال بزعامة الحبيب بورقيبة خلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.
وخلال الأشهر الأخيرة بدت القوى اليسارية التي عارضت نظام الزعيم بورقيبة 'مدافعا شرسا' على المكاسب التي تحققت للتونسيين خلال نظام الزعيم وفي مقدمتها التعليم وحرية المرأة ومدنية الدولة وعدم تسييس الدين وتديين السياسة حتى أنها لم تتردد في مطالبة قائد السبسي بإطلاق مشروع إصلاحي شامل مماثل لمشروع بورقيبة باعتباره يقدم نفسه على أنه 'بورقيبي' فكرا وممارسة في إدارة الشأن العام وتسيير مؤسسات الدولة.
وأحي قائد السبسي الذي يوصف في تونس بـ'بورقيبة الديمقراطي' مند تأسيسه لنداء تونس العام 2012 لمواجهة الإسلاميين في ذاكرة غالبية التونسيين المشروع الوطني الذي قاده زعيم تونس التاريخي الأمر الذي يفسر نجاحه في الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي جرت في الخريف الماضي.
غير أن قوى اليسار تبدي نوعا من القلق بشأن 'سياسة الحذر' التي ينتهجها قائد السبسي خاصة بعد إشراك حركة النهضة في الحكومة ولا تخفي مطالبتها له بالتحلي بـ'جرأة' بورقيبة وانتهاج سياسات شجاعة تقود إلى تعزيز مقومات الحداثة وتأمين سلامة التجربة الديمقراطية في إطار دولة المواطنة التي تكفل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكل التونسيين وتنأى بالبلاد عن أي شكل من أشكال الانتكاس.-( وكالات)


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة