الخميس 2024-12-12 10:42 م
 

الحكومة: بعض الظن ليس بإثم

12:41 م

في الخريطة الاقتصادية للحكومة، يظهر جليا أن العمل يتم تبعا لمبدأ العمل بـ'القطعة' على مختلف الأصعدة والقطاعات.اضافة اعلان

الحكومة تفتقد لرؤية واضحة تحدد المسار والأهداف، حتى نظن لوهلة أن الفوضى هي سيد الموقف، وأن القائمين على الأمر يعملون كل لحساب قطاعه، وليس للبلد بأكمله.
غياب الرؤية ليس بجديد، والمطالبة بوضع برنامج وطني للإصلاح ما يزال مهملا، ولا تلتفت الحكومة إليه، رغم تكرار المطالبة به، ما يقوّي من غياب روح الفريق في العمل، فتجد التنافس أو الاختلاف مسيطرين على ماهية اتخاذ القرار.
بقاء مثل هذا الحال وتكريس الانطباع بغياب العمل الجماعي، باستثناء حالات فردية من بعض الوزراء، يعيد التفكير بضرورة إجراء التعديل الحكومي الذي خفت الحديث عنه، ليشمل بعض وزراء الاقتصاد، بشكل يساعد على تشكيل فريق يعيد النظر بأسلوب العمل، ليصبح مرتكزا على خطة واضحة المعالم.
ما يتوفر للحكومة حتى اليوم يقتصر على برنامج التصحيح الاقتصادي وخطة العمل التي وضعتها وزارة التخطيط في بدايات عمر الحكومة، والتي كان من المفترض أن تتطور لتكون برنامج عمل، ضمن رؤية مشتركة للفريق الحكومي مكتملا.
ها قد مضى عام على عمر الحكومة، ولم توضع الخطة، والظاهر أن وضعها ليس أولوية، الأمر الذي يؤثر على العمل ونتائجه، ويجعل التكهنات بشأن الوضع الاقتصادي مبهمة وغير واضحة، في أحسن الأحوال.
عمليا، ما يحدث يعكس تشتت الجهود ويكشف غياب العمل الجماعي، وسط تغييب للأهداف العامة، ما يحيلنا إلى نتائج متواضعة.
السياسة المالية، وهي العمود الفقري للاقتصاد، منزوية، وما تزال تعتمد عقلية المحاسب وليس السياسي الذي يتخذ قرارات وفق نهج خلاق يغير الحال، الأمر الذي انعكس على أسلوب الإدارة الحكومية وتعاطيها مع كثير من القضايا. ويظهر التأثير جليا على إدارة ملف الدين، وبقاء الاعتماد على البنوك المحلية في تمويل موازنة التمويل وعجز الموازنة العامة.
الغريب أن الحكومة تعرف مخاطر الإسراف في الاقتراض وتبعاته الكبيرة، إلا أن الاقتراض ما يزال على أشده، دون تقديم تبريرات وتفسيرات لتزايد الاعتماد عليه رغم ارتفاع الإيرادات، وتوفّر سيولة في حساب وزارة المالية من قروض حصلت عليها المملكة العام الماضي ولم تنفق بعد.
أما أرقام النمو المتحققة وتلك المتوقعة خلال العام الحالي، فما تزال دون التوقعات، ولا تكفي للتخفيف من مشاكل هيكلية مثل العجز والدين والفقر والبطالة، ويرهق النمو أكثر ارتفاع معدلات التضخم، والنمو السكاني الهائل الذي قفز كثيرا نتيجة اللجوء السوري.
الشعب يريد خطة إصلاح اقتصادي وطنية، تنهي الحالة الضبابية وتنقل البلد إلي مزاج جديد. ويدعم ذلك حال القطاع الخاص الذي تأخرت أرباحه التي يطمح لها، وبات مؤهلا للمرحلة الجديدة، بعكس الحكومة التي ما تزال تتاجر بفكرة الأزمة المالية لتنفيذ قراراتها الصعبة، ما جعل التخبط عنوانا لأدائها.
على الحكومة الاعتراف أنها، ونتيجة لضغوط تمارس من قوى الشد العكسي، تؤخر إدارة عجلة الإصلاح السياسي، ما يوجب على الأقل أن تعوّض المجتمع بإصلاح اقتصاد حقيقي نابع من أهداف وطنية تدرك المصاعب التي يعانيها المجتمع، خصوصا ما يتعلق بقضية التنمية المستدامة وما يرتبط بها من فقر وبطالة. ويتم ذلك من خلال التشبيك الحقيقي بين مسؤوليها ونشاطاتهم، بحيث لا يعمل كل وزير أو مسؤول في 'حارته' فقط.
الحال في 2014 أفضل من العام الماضي، والضغوطات على الاقتصاد خفّت، وإن كانت مستمرة، لكن الظرف خلال العام الحالي يؤهل الحكومة لوضع برنامج للإصلاح، يضع يده على الاختلالات الحقيقية في الاقتصاد وسوق العمل، ويعمل على معالجتها، ما يجعلنا نقدم أداء ينعكس على حياة الناس، وليس الإصلاح الذي تتحدث الحكومة عنه، وتعجز حتى عن عكسه على أرقامها من عجز ودين وغيره.
كل ما فعلته الحكومة خلال الأشهر الماضية، لم يزحزح قناعة الأردني حيال جدوى ما تفعل، وما يزال الظن بالحكومة قائما، وهم مُحِقّون بذلك طالما أن أحوالهم من سيئ إلى أسوا.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة