الإثنين 2024-12-16 12:48 ص
 

الخارطة حولنا وداخلنا

06:48 ص

لا ندري إن كان هذا من حسن حظ الأردن أم غير ذلك أن الخارطة حولنا تتغير بين فترة وأخرى خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وأقصد خارطة القضايا واتجاهاتها، وتفاصيل الملفات بما في ذلك شكل الدول وقوتها وتحالفاتها، وايا ما كان رأينا في هذه التغييرات فإنها في المحصلة موجودة وعلينا التعامل معها، والبحث عن منظومة مصالحنا ومواقفنا في ظل كل تغير مؤثر.اضافة اعلان

اليوم الخارطة ليست مثلما عليه الحال قبل شهور، وربما يحمل الصيف تغيراً في الخارطة حولنا، لكن أولويتنا يجب أن تبقى الحفاظ على الجغرافيا الأردنية آمنة مستقرة، وأيضاً حذرة وقادرة على التنقل بين ركام تتركه القضايا والملفات.
جزء من الخارطة يقول أن الولايات المتحدة عبرت بشكل واضح عن سياسة تجاه سوريا لن تحمل تدخلاً عسكرياً، وهذا يحدد الكثير من القادم، فأوباما الذي خاض الانتخابات ببرنامج جوهره إنهاء التورط الأمريكي في حروب أفغانستان والعراق لن يذهب لحرب في سوريا وتدخل عسكري مباشر، وحتى تزويد المعارضة بأسلحة فتاكة مثل مضادات الطائرات فلن يكون سهلاً لأن هذا يهدد أمن دول جوار سوريا، فالسلاح في سوريا ينتقل بلا ضوابط من تنظيم لآخر ويهدد طيران كل الدول وليس هناك من ضمانات لدى أمريكا بأن يوجه فقط ضد طيران النظام السوري.
الخارطة السورية تقول بصراع مستمر، وقد يكون النظام السوري هو المدخل للحل لكن بعد مزيد من الصراع يخلص دولاً كثيرة من أعداء وأصدقاء بشار الأسد من مقاتلي التنظيمات المتشددة، وقد تكون النهايـة (المؤقتة ) عراق جديد في سوريا من حيث استمرار بعض الأحداث الأمنية ووجود مناطق محدودة خارج سيطرة النظام لكن دون تقسيم تحت أي مسمى.
وفي الخليج هنالك تطورات وخطوات هامة داخل بعض بيوتها، وهناك تباين يصنع قطيعة وصراعاً سياسياً، وهناك حياد نسبي من البعض، وخارج هذا المشهد الخليجي يقف الأردن يحاول الوقوف في نقطة تقرأ القادم وتحافظ على العلاقات مع الخليج وفق مستوياتها الموجودة، وبخاصة أن الخارطة الداخلية لمنطقة الخليج ومعادلاتها الداخلية قابلة للذهاب يميناً ويساراً.
أما مصر التي دعم الأردن ما جرى فيها بعد 30 حزيران الماضي فإن استقرارها غاية ومصلحة للمنطقة العربية، فمصر تخوض معركة إذا لم تنجح فيها فإن الآثار ممتدة حولها، لأن الحالة المصرية قبل عزل مرسي كانت نتاجاً لتحالف إقليمي، والحالة بعد عزله تعبر عن تحالف عربي.
والمشهد حولنا يشير إلى استقرار نسبي لحكم العدالة والتنمية في تركيا، وهو حزب حاكم دخل في تحالفات مع أطراف عربية أنتجت تدخلاً في مصر وسوريا وحتى العراق، لكن هذا التحالف الذي تأثر كثيراً بما جرى في مصر وسوريا، ربما يجد نفسه مضطراً لمراجعة بعض سياسته الخارجية بعد استمرار نظام الأسد في الصمود الذي يعني مزيداً من النفوذ لإيران في المنطقة.
وداخلياً تبدو الدولة متجهة نحو إعطاء أولوية كبيرة للملف الاقتصادي الذي عبرت عنه الرسالة الملكية الأخيرة، وسياسياً هناك حاجة لإدارة ملف العلاقات الداخلية على ضوء مراجعة لكل ما جرى خلال سنوات ( الربيع )، فالعلاقة بين الدولة والقوى الاجتماعية من عشائر وعائلات تحتاج إلى تدقيق من حيث الخطاب والأدوات والرموز، وهناك معادلة العلاقة مع الإسلاميين التي تحتاج إلى مراجعة على ضوء أداء الجماعة في مراحل الإستقواء بتحالفات إقليمية، وإعطاء مساحة أكبر لفكر المشاركة والإصلاح المنطلق من المعادلة الأردنية والحرص على استقرار الدولة.
وربما يكون من أدوات المرحلة القادمة تجديد طبقة الكريما السياسية، وإعطاء كل صاحب كفاءة وحضور ونزاهة فرصة للعمل، فمن المؤكد أن الدولة اختارت رجالاتها خلال السنوات الأخيرة وعرفت نقاط القوة والضعف في الأشخاص والمؤسسات، ولأن حالة عدم الاستقرار هي المهيمنة على الخارطة السياسية لكل ما حولنا، فإن الحركة الداخلية يجب أن تكون محسوبة لكنها ضرورية، على الأقل لمعالجة الملفات التي تأكد لصاحب القرار أنها أولوية وهامة لحسن إدارة المراحل القادمة.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة