تراجع الأردن عن مشروع كاميرات الأقصى كشف عن أزمة في إدارة الأردن لملف الأماكن الدينية في القدس تتجاوز الأزمة في العلاقات الأردنية مع السلطة الفلسطينية، وترتبط بمستقبل الولاية الدينية على هذه الأماكن المقدسة وما يتصل بها من سيناريوهات اسرائيلية قادمة ذات طابع ديني وسياسي وقانوني. فالاسرائيليون من المحتمل أنهم وصلوا اليوم إلى قناعة بأن هذا الوقت الذي يشهد تراجع الثقة بين عمان ورام الله هو اللحظة الملائمة للذهاب قدما في مخططهم التاريخي في السيطرة الفعلية على الأماكن الدينية بصيغ متعددة مثل مدخل تعدد الوصايات الدينية أوالتقاسم الزمني لبعض أماكن العبادة في الأقصى وربما طرح مشاريع جديدة لمستقبل المدينة تصب في النهاية في فكرة العاصمة الاسرائيلية الموحدة.
الأردن مطالب بمراجعة سياسية وإعلامية وثقافية لخطابه حول المدينة المقدسة حتى لا يصحو في يوم على وقائع صادمة أو يكتشف ان مياها تجري من تحت أسوار المدينة دون أن يأخذ خبرا أوعلما من أحد، قد يحدث ذلك في الوقت الذي تعيش فيه القضية الفلسطينية أضعف حالاتها فيما تتراجع مكانة الدفاع عن القدس في الخطاب السياسي للعالم الإسلامي المنقسم بصراعاته، كما هو الحال في تعاظم المخاطر التي تهدد الهوية الثقافية للمدينة والهجمة غير المسبوقة من قبل اليهود المتطرفين الذين أصبحوا جزءا من السلطة في تل أبيب.
لقد تطور الخطاب السياسي الأردني تجاه القدس وفق محددات مراحل الصراع والتسوية، وانتقل من خطاب التمسك بالسيادة على القدس والمسؤولية الشرعية والقانونية عنها إلى المطالبة الواضحة بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، والالتزام بتسليم الفلسطينيين للإدارة الدينية للمواقع المقدسة في ترتيبات الحل النهائي. وفي كل المراحل حافظ الخطاب السياسي الأردني على أكثر الثوابت استمرارية وهو الدفاع عن هوية القدس الثقافية، المتمثلة في حماية تراث المدينة المقدسة الإسلامي والمسيحي، وحماية الهوية الديمغرافية فيها، إدراكاً بأن مسألة الهوية في نهاية المطاف ستقرر مصير المدينة المقدسة.
هل الخطاب السياسي في مسألة الولاية الدينية قابل أن يشهد تحولات خلال الفترة القادمة؟ هذا وارد في سياق معادلة القدرة والإرادة التي تتحرك وفق ثلاثة مبادئ؛ المصالح الوطنية الأردنية، الالتزام الأردني حيال الشعب الفلسطيني ومصالحه، والمسؤولية التاريخية والدينية.
عمليا، شهد هذا الخطاب تحولات عديدة من خطاب الولاية الدينية المباشر على القدس إلى مبدأ 'لا سيادة على القدس إلا لله' الذي طرحه الملك الحسين لأول مرة بعد 1994، وفسر على أساس أنه يقصد بالقدس الدينية المساحة الجغرافية التي تضم المواقع الدينية الإسلامية والمسيحية والممتدة على مساحة واحد كيلو متر مربع، وتحويل مسألة السيادة عليها إلى مسألة إنسانية وعالمية ودينية، ما يعني عملياً الحديث عن ثلاث مدن تعني القدس (القدس الغربية عاصمة إسرائيل، والقدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية، والقدس الدينية) ما قاد إلى تردد عبارة ' الدولة الفلسطينية وعاصمتها في القدس' على لسان الملك الحسين في منتصف التسعينيات لأول مرة في الخطاب السياسي الأردني، وصولا الى خطاب الربط بين الحل الديني والسياسي، حيث يدعو الخطاب الأردني الى منح الجانب الديني في مستقبل القدس مكانته الحقيقية باعتباره جوهر الصراع وهو الأمر الذي يتقاطع مع الرؤية الإسرائيلية القائمة على مبدأ (القدس مفتوحة دينيا ومغلقة سياسيا) وهو ما دفع الأردن الى الاعتراف مبكرا بمكانة القدس عند أتباع الديانات الثلاث وأن الاعتراف بهذه المكانة لا يعني بأي شكل المس بهويتها العربية.
سيناريوهات الإدارة الأردنية للأماكن الدينية تحتاج إلى المزيد من الوضوح والشفافية، فلقد وصل الأردن إلى مرحلة تخلو تماما من أي طموحات سياسية نحو الغرب؛ فما قيمة الغموض سواء الإيجابي أو السلبي.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو