الوكيل - يوثق كتاب ‘الذاكرة المُلهِمة’ الحواراتِ والندوات واللقاءات التي تضمّنها برنامج ‘حكايا’ الذي نظمه الملتقى التربوي العربي (الأردن، ومركز ‘جنى’ لبنان)، مؤخرا في ‘حريصا’ بلبنان، تطوير فهمٍ عميق للمبادرات الريادية التي تُلهم الذاكرةُ فيها الإنتاجَ الثقافي، وإنتاج أدوات تعليمية تفاعلية، والمحاولة بشكل جماعي لفهم وإدراك المعاني والتجليات المختلفة للذاكرة المُلهِمة، إضافة إلى تطوير رؤيا مشتركة ومتجددة للعمل مستقبلاً في هذا المجال.
ضمّ اللقاء الذي ركز على التجربة الفلسطينية، زهاء أربعين مشاركاً من ثماني دول هي: الأردن، فلسطين، لبنان، مصر، تونس، سوريا، فرنسا وجنوب إفريقيا، وكان المشاركون من النشاطين في مجالات متعددة، من مثل: التعلم، الفن، الثقافة، والقاسم المشترك بينهم هو أنهم جميعاً يتخذون من الذاكرة المُلهِمة أساساً لعملهم.
اشتمل الكتاب على نصوص الأوراق التي قُدمت خلال اللقاء، وملخص للعروض الشفوية للمتحدثين، وعدد من المداخلات المتعلقة بالتجربة، أو بإعادة تعريف الكلمات.
المقدمة التي كتبتها الناشطة الثقافية سيرين حليلة، تقدم للقارئ رؤية متكاملة عن اللقاء وواقع الجلسات النقاشية والحوارية، مستذكرةً أحد المشاركين في اللقاء وهو غسان الشهابي مدير دار ‘الشجرة’ للنشر الذي اصطادته رصاصة قناص في مخيم اليرموك بسوريا خلال الأحداث التي تشهدها البلاد هناك.
كتب توطئة الكتاب منير فاشه، مؤسس مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي والملتقى التربوي العربي، وفيها يقول: ‘نحن الآن في بداية عصر جديد، أبطاله هم الشباب العربي الذي بدأوا (حركتهم الروحية) من تونس، ثم تجلت هذه الحركة بشكلها الإنساني الرائع في القاهرة والإسكندرية’، مؤكداً أن ما يحصل في العالم العربي هو ‘حركة روحية’ لمستْ قلب وعقل وروح كل طفل وشاب وشيخ في وطننا العربي، فلم يتسنَّ لحركة في تاريخ البشرية أن تحرز ذلك. لذا فإنه يدعو إلى التفكير بطريقة تمكّننا من ‘الإسهام في تعميق هذه الروح وحركتها الجميلة’.
وفي ‘إعادة تعريف الكلمات’، يروي ماهر شريف، مؤسس مبادرة ‘يدوية’، حكايته مع الثورة المصرية التي عاش أحداثتها وشارك فيها، ويوضح أن حيَّ ‘كرموز′ الذي يعيش فيه بالإسكندرية شهد مسيرات وإضرابات واعتصامات قادت إلى انسحاب الشرطة منه، حيث قام أهالي الحي؛ مسلمين ومسيحيين، بتنظيم الحياة فيه؛ يؤمّنون الحماية للناس ويديرون البيع في السوق، حيث التزم الجميع بالقوانين والأنظمة التي وُضعت بالاتفاق بينهم.
الكاتبة والباحثة الفلسطينية فيحاء عبد الهادي، فتعرّف كلمة ‘سياسة’ من واقع حياة الناس، حيث يبدو المصطلحُ – ككلمة مجردة- عصيّاً على تقبُّل الناس له وفهمهم معناه. لكن وفيما يروي الناس قصصاً بسيطة من حياتهم، يتضح للمرء أنهم على صلة بالمصطلح وأنهم يمارسون السياسة بمعناها العميق والشامل.
وتقدم الفلسطينية الناشطة في مجال العمل الأهلي هيفاء الجمال، قصة بحثها الخاص عن معنى شعار ‘وحدة، إرادة، فكر، وعمل’، من خلال تجربتها التي عاشتها أثناء الاجتياح الإسرائيلي التي وجدت فيه أنها تقف وجهاً لوجه مع ‘إسرائيل’، وفيها اختبرت معنى الشجاعة والقوة التي تمكّن الفرد الخروج من الأزمة.
وفي تعريف معنى ‘الرخاء’، تؤكد القاصة والروائية المصرية نورا أمين، ‘عدم الجدوى في تعريف مصطلح خارج قاموس حياتنا’، متسائلةً: ‘هل يجب علينا كتابتها ونحن لا نعرف معناها ولم نعشه!’.
أما سيرين حليلة، فتعرِّف ‘الاحتراف’ من واقع تجربتها في الرقص مع فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية، مؤكدة: ‘وجدتُ أن تجربتي تقول لي إن الاحتراف هو أن تكون محترفاً بعملك -أي إتقان العمل- دون أن يكون للأمر، بالضرورة، علاقة بتقاضي الأجر’.
وحول تعريف كلمة ‘كاسرة’، ترى مديرة مركز الفنون الشعبية الفلسطينية إيمان الحموري، أن هذه الكلمة كانت توصَف بها الفتاة الناشطة في مجال العمل الميداني، أما الرجل فكان يوصف بـ’القوي’، قائلة: ‘كان ذلك، وما يزال، يزعجني، لأن كلمة (كاسرة) فيها معنى سلبي، بينما وصف الرجل بـ(القوي) فهو مصدر اعتزاز وافتخار’.
‘ثق بنا’ مصطلح يعرّفه الناشط الفلسطيني عبد السلام نخلة بقوله: ‘تعلّمتُ المعاني المختلفة لهذه الكلمة من ابني الصغير، فهنالك إعلان لشركة تأمين يقول: (ثق بنا، أنت هنا في أمان).
في باب القصص الشخصية يروي الحكواتي والناشر التونسي عبد الرزاق كمون، حكايته مع ‘الحكاية’، مؤكداً أن منجم حكاياته تَشكَّلَ من أكثر من مصدر: حفيدة عمة والده ‘آسيا’، و’الكتّاب’، وجدّه، وحلقة الفداوي، والحكّاء التونسي الشهير عبد العزيز العروي.
من جهتها، تحكي الكاتبة والباحثة الفلسطينية فيحاء عبد الهادي عن ‘شهرزاد الفلسطينية’، التي عاشت وقائع الاجتياح الهمجي ‘الإسرائيلي’ لمناطق السلطة الوطنية الفلسطينية في 3 نيسان 2002. بينما يقدم مدير مركز ‘نوى’ نادر جلال، حكايةً على شكل أبيات من ‘العتابا’، يؤكد فيها أن الذكرى الماضية هي التي تُلهم الإنسانَ الحكاية.
أما الفنان التونسي رؤوف كراي، فيروي حكايته مع ‘الصدفة’ التي قادته للالتقاء بأحد أفراد عائلة صديقة له بعد أن انقطعت أخبارها عنه لفترة طويلة من الزمن. ويحكي منير فاشه قصته مع الصداقة. ويقدم الفنان المصري حسن الجريتلي، مؤسس فرقة ‘الورشة’ المسرحية، حكاية بعنوان ‘اللي اتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي’ وتدور أحداثها في ميدان التحرير بالقاهرة أثناء الثورة. إلى ذلك، كتب في باب القصص الشخصية أيضاً: الناشط في مجال التصوير والإخراج محمود زيدان حول ‘عازف البيانو وياسين الحاج’، والمتخصص في علم الآثار الباحث الفلسطيني عادل يحيى عن ‘استغلال المكان’، فيما قدمت فيحاء عبد الهادي نصاً حول ‘حكاية جفرا’، والفنان الفلسطيني معتز الدجاني (مؤسس مركز المعلومات العربي للفنون الشعبية ‘جنى’) عن ‘اجتياز الحدود.. تجارب ألهمتني’.
كما يضم الكتاب تجارب ثرية وفارقة لعدد من المبادرات التي كانت فاعلة ومؤثرة في مجتمعاتها المحلية وفي محيطها الأعم أيضاً، ومنها: ‘متحف الذاكرة السادسة’ في جنوب إفريقيا، مشروع ‘المؤرخين الشفويين الصغار’ في برج البراجنة بلبنان، فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية، مركز المعمار الشعبي ‘رواق’، مركز ‘نوى’ لتطوير الاهتمام بالموسيقى، فرقة ‘الورشة’ المسرحية، بالإضافة إلى مبادرات فردية حققت نجاحا وتغييراً في مجالات الموسيقى والكتابة والتصوير الفوتوغرافي والأفلام وتوثيق الحكايات بالصوت والصورة.
يمثل هذا الكتاب إضافة نوعية في مجال البحث والتوثيق للذاكرة المُلهِمة التي هي أساس الإبداع المغاير والفارق، ويتميز الكتاب بقطعه الورقي الذي يسْهُل تصفحه، وبإخراجه بالاعتماد على خطوط يدويه للفنان ماهر شريف، وعلى رسوم وتخطيطات مبدعة للفنان رؤوف كراي.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو