الإثنين 2024-12-16 12:49 ص
 

(الربيع العربي ببذار غربي)

12:59 م

الربيع العربي أو كما أحب أن اسميه كوني فلاح وأبي فلاح وجدي فلاح و ... الخ فلاح , الربيع العربي ببذار غربي . اضافة اعلان

كانت الأجواء ملتهبة حينما بدأ الغرب باضطهادنا وأخذوا يلقون علينا رذاذاُ من اتهامات تدور حول عمل إرهابي كما يسمونه أدى إلى انهيار مبنى التجارة العالمي في أمريكا , وبالفعل استطاعوا إقناعنا أن الإرهاب يكمن بيننا حتى أنه أصبح يخيل لنا أن الإرهاب في عقر دارنا , لكنهم أسعفونا حينها وقالوا : أن الإرهاب يسكن هناك بعيداً خلف تلك الجبال المحيطة بمروج المخدرات ومعاقل التمرد في أفغانستان , كان لا بد لنا أن نتقبل هذه الفكرة لمجرد أننا نرغب بدحض فكرة أن الإرهاب يعيش بين ثنايا تلك الطرقات التي تربطنا بمكانٍ نذهب إليه كل يوم لكسب قوت يومنا .
صدقناهم وكذبونا وقالوا حدث خطأ في الإحداثيات وانزلقت تحرياتنا نحو أفغانستان بعيداً عن العراق , بدأوا بإلقاء الحجج الواهية قالوا : أن العراق يحكمه نظام جبروت وقمع , قالوا : أن العراق يخفي أسلحة دمار شامل , قالوا : أن العراقيين يتعطشون إلى الحرية والعدالة , بدأوا بحشد المؤيدين لهم بدأوا كعادتهم بكسب الثقة منّا إلى أن دقت ساعة الحرب وأعلنت أمريكا تحريرها للشعب العراقي , هنا بدأت مظاهر الحرية تخرج علينا عبر وسائل الإعلام , مشاهد من الدماء هنا وهناك , تسرب النفط العراقي إلى أمريكا مجاناً بسبب تآكل في 'جلدة أو زطمة' , تسليم الجزارين رقاب الشعب المحرر , الراقصات والعهر والفن الساقط والإعلام المغتصب جميعهم أنهكوا معنى الحرية بتبجحهم وسحتهم . حتى أن العالم العربي أيقن أنها مؤامرة وأن الحرية التي تزعمتها أمريكا كانت سلاحاً طاحناً استخدمه الغرب لاغتيال خيرات الأمة العربية عندها تيقظ الغرب ونام العرب !! على أن لا مؤامرة جديدة تنطلي عليهم , وذهبنا جميعا في سبات عميق , هنا بدأ العالم ينظر إلى بلادنا وأخذ يتخبط في غيرة شديدة كيف أن أمريكا انتزعت حصة الأسد وكيف أن باقي الدول العظمى (خرجت من المولد بلا حمص)
بدأ الغرب يتكتل ويبحث عن إستراتيجية جديدة للسيطرة على عقولنا -ليتمكنوا من نزع ما تبقى في أوطاننا من خيرات- لكن كان أمامهم معضلتان أما الأولى أن العرب نائمون وكيف لنا أن نحتل عقلاً غارقاً في النوم ؟ أما الثانية فكانت كيف نلدغهم من نفس الجحر مرتين ؟ وهنا جاءت الإجابة تسعفهم (لنضرب عصفورين بحجر) نجعلهم يستيقظون بصدمة مصطنعة وندعم يقظتهم مهيئين لهم ; أنهم وعندما كانوا في غفلة جاء من كان يحرسهم وسرق أحلاهم وخان الأمانة وسرق مستقبل أبنائهم , هنا بدأت المؤامرة ترتدي ثوبها الجديد الذي يخدم أهدافهم ويسعى لتحقيقها .
أخذت بذار مؤامرتهم تتسلل إلى صحرائنا التي تركناها طوعاً للعابثين لترقد بأمان إلى أن ترويها المؤامرة وتدب فيها الحياة .
بعيداً عن أفغانستان والعراق وإلى تونس بالتحديد خرج علينا بائع متجول يرتدي ثوب المضطهد الذي سرقت الدكتاتورية لقمة عيش أطفاله وصنعت منه كتلة من اليأس والإحباط , حتى انه حرر نفسه من هذا اليأس والظلم بأن قام بحرق نفسه وقضى على المعيل الوحيد لأبنائه ! , نجحت صدمتهم واستيقظت تونس تريد إسقاط النظام وسالت دماء الأبرياء التي أراقتها سكين المؤامرة وروّت بذار الفتنة والغدر التي شاء الغرب لها أن تكون في أرضنا وبدأت الضربة وكانت القاضية .
سقط النظام وبدأت تلك البذار تنموا حتى صارت ربيعاً ! وبكل حنكة ودهاء صوّر الغرب لنا الربيع بأنه واحة خضراء تزينها ورود الياسمين التي تفوح عطرا بالإصلاح , وأزهار النرجس التي تشع حرية وعدالة , وباقة من ألجوري تعبر عن مدى حبهم واحترامهم لنا ! , وبكل تبجح وغباء صدّقناهم وأخذنا نغرس بذار مؤامرتهم بأيدينا حتى امتلأت بلادنا بربيع غدرهم وجحودهم .
رقعة الربيع ما زالت تتسع بجهودنا نحن , ودماء الأطفال تراق في كل يوم ألف مرة بسلاحنا نحن , وبلادنا تنقسم بإرادتنا نحن . والقدس تهوّد بغفلتنا نحن . أشغلنا عن إعمار بلادنا سعينا وراء خرابها , مزقنا أمجاد أسلافنا الذين جبلوا بالعزة ترابها , ذهبنا نخوض في الهرج والمرج دون وعي منا أن كلا الطرفين كان ضحية .
بعد أن غرس الغرب بذاره واطمأن أن دماءنا ستروّيه وأن عظامنا ستكون سياجا قويا لتحميه أزاحوا عن كاهلهم عبئ الفلاحة وتركونا هنا نعتني بزراعتهم , متربصين إلى أن يأتي وقت القطاف , سيسحقون من تبقى منا ويرحلوا بعيدا مع ثمار ما غرسوا .
هكذا كان ربيعنا
غرس الغرب بذاره ... وروّيناه بدماء أطفالنا ... وحين ينضج الثمر سيحررنا الغرب ويأخذون ثماره

اسماعيل ابراهيم محمود علاونه
[email protected]


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة