السبت 2024-12-14 07:54 م
 

الغمّيضة

07:31 ص

أطفالاً كنّا ..نتلملمُ عصراً بين زُقاقِ الحارةِ..قطعةُ خبزٍ ينتشها زيدٌ من عمروٍ ..وخليلٌ يمسحُ أوجاعَ الحرمانِ بترانيم أغانيه الثوريةْ..وجلالٌ وعمادٌ وصبايا ينظرنَ إلينا فرحاتٍ بالشلّةِ ؛ يركضنَ إلينا ويشاركنَ بزهوٍ ..كانت أيّامَ الفقر و لكن عسليّةْ.

اضافة اعلان


الغميضةُ تأخذنا للحلمِ الأولِ والثاني والثالثِ والألفِ..وشعورُ الفرحةِ فوق الوصفِ..نتشابكُ ؛ نتعاركُ ..نتسابقُ في كشفِ الكشفِ..نعرفُ أنّ الغميضةَ بعد قليلٍ ستؤولُ إلى خوفٍ من وجعِ الظهرِ وخلعِ الكتْفِ..نعرفُ أن جلالاً سيمسكُ هنداً..و خليلاً لن ينجحَ أن يُخفي..كنّا نفهمُ لعبتنا و نهايتها؛ لكنّا كنّا من فرحِ اللحظةِ نجعلُ هذي الغميضةُ تمتدّ و تمتدُّ و تمتدُّ؛ إلى آخرِ عطفٍ يتزاحمُ مع عطفٍ كي ينجبَ عطفاً في العطفِ..! كنّا ندركُ فقهَ الجوعِ ولكنّا لم ندركْ أنّ الغميضةَ سوف تكونُ القانونَ الأعوجَ بالسيفِ..سوف تكونُ غياباً للشمسِ وفرضَ قوانين الكسفِ..والليلُ يغيبُ بفعلِ الخسفِ..!


كنّا صغاراً لكنّا الآن كبرنا و لم تفطنْ أعمارُ الغميضةِ أنّ ورودَ الدارِ ستذبلُ أو ستموتُ من الفقرِ ومن القهرِ ومن حربٍ تدخلُ في حربٍ فتصيرُ حروباً في الفوقِ وفي التحتِ وفي الجنبِ وما من أحدٍ ينقذُ غميضتنا من هذا القصفِ..!
يا اللهُ كبرنا وكبرنا و كبرنا ..يا الله ؛الغميضةُ كالأحلامِ تراودُ كلَّ بنيها ..تدعوهم للعودةِ ؛ للعبةِ..ولقطعةِ خبزٍ ناشفةٍ..ترجوهم في كلّ الأوقاتِ بألاّ يندثروا ..الغميضةُ بوصلةٌ تتسلّلُ في نسماتِ العصرِ ..وتسيرُ على إيقاعِ الوجدِ الزمنيِّ ؛ لتطرقَ بابَ عمادٍ و زيادٍ و خميسٍ وصبايا كبرنَ وصرنَ بلا مأوى للأحلامِ وللفكرِ...!


يا اللهُ ؛ لقد أهلكنا العمرُ ونحنُ نسايرُ هذا العمرَ لكي نظفرَ في عُمرٍ في العمرِ..لكي نمشي الدرب وندري؛ لكنّا نمشي و الدربُ بنا لا تدري..! الغميضةُ يا اللهُ وقودُ الأطفالِ إذا ما صار اللعبُ بلا معنى و الموتُ ببلاشٍ والعيشُ بلا عيشٍ من قلّة ما في العيشِ من اليُسرِ..!


الغميضةُ يا الله، الغميضةُ يا الله ؛ فإنّ حياةً لا غميضةَ فيها ستكونُ الكفرَ على الكفرِ...!


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة