بثت الجزيرة , تقريرا قبل أيام عن النساء في غزة وكيف إستقبلن العيد ...
كن مجموعة يرتدين نفس (اليانس) ويسكن مدارس وكالة الغوث, وأنا بصراحة شاهدت مثل هذا (اليانس) في البلد وثمنه (4 ليرات )...ويقمن بإعداد معمول العيد , بالطبع ( بعجوة ) ...وأثناء حديثهن يقفزن عن المشهد الدموي في غزة , ويدخلن مباشرة في التحليل السياسي ...وكل التعليقات التي تخرج تصب في كلمة واحدة وهي :- ( الله يكسر إسرائيل) ...
ذكرني المشهد بأمي في ليلة العيد , نفس الوجوه ونفس التعبيرات , وحبات المعمول التي تصنع باليد , يكون نتاجها أشكالا هندسيه غريبة , وأتذكر كيف كانت أمي تجتمع مع الجارات ويتم تقسيم الفصيل , أقصد :- فصيل (المعمول) إلى تشكيلات ...منها مثلا تشكيلات الإسناد ..وهذه الصنف يكون إختصاصه مرتبط في الغالب بنزع البذور من العجوة والقيام بتحويلها إلى شكل إسطواني , وهناك صنف اخر تقوده أم حسن , وتكون وظيفته غالبا مرتبطة ..بحشي العجوة داخل المعمول ..والصنف الأخير في الغالب يكون بقيادة ..أم محمود وهو فصيل العمليات ويقف أمام الفرن ووظيفته عملية شوي المعمول .
وغالبا ما يكون المنتج قائما على (الهرهره) بمعنى أنك حالما تمسك حبة المعمول (يهر) في يدك وبتناثر , وبالطبع يتم تحميل أم حسن المسؤولية وتحديد عنصر عملياتي في فشل المنتج مرتبط بقيامها بتقليل كمية الزيت .
وأثناء عملية الإنشغال بإعداد المعمول لابد أن يتم إستعراض أخبار الثامنة , وتحميل إسرائيل مسؤولية جميع ما يحدث في العالم , أتذكر وفي منتصف الثمانينات حين إنفجر مكوك الفضاء (تشالنجر) ..وعرض التلفاز تقريرا حول التحقيقات في الحادث , قالت أمي :- ( الله يكسر إسرائيل) ...وأم محمود اثنت على الأمر واتهمت إسرائيل بتفجيره ...
ويتم أيضا تبادل حديث , حول أخبار الحارة ...وعمليات طلاق حدثت , ويتم القفز إلى الحديث حول إنقطاع الباذنجان , وأتذكر وقتها كانت طناجر الضغط تعرض إعلاناتها بكثرة , وأبدت أم حسن رأيا دقيقا فيها حين قالت :- أنها تنفجر وأن هناك سيدة في الجبل الأخضر ماتت نتيجة إنفجار طنجرة الضغط فيها , وتؤكد (أم خليل) القصة وينتهي الموضوع بالطبع بجملة :- ( الله يكسر إسرائيل) ..
حين عرض التقرير عن نساء غزة أول أمس وهن يقمن بصنع معمول العيد , ومرتديات (اليانس) ...وقسمن أنفسهن إلى تشكيلات :- تشكيل يرتبط بالشوي وتشكيل اخر يرتبط (بالعجوة) ..تذكرت أمي وجاراتها اللواتي غادرن الحياة جميعهن :- نفس الوجوه , نفس (لون اليانس) ...ونفس الدعوات , ونفس الاشكال الهندسية الغريبة للمعمول , ونفس الشيبات اللواتي كن يتمردن على غطاء الراس ويخرجن من طرف الخد ...ونفس الحب الذي يفيض عليك , حين تأتي إلى الدار من مشوار بعيد ...وتكون جائعا , وترفض (المجدرة) فتبدأ الجارات بعرض أصناف الطعام اللواتي غزت (طناجرهن) هذا اليوم ...وتتبرع أم (محمود) بإحضار (طنجرة) الفاصولياء لك ...
وأنا اشاهد التقريرأعادت النساء في غزة لي الحنين إلى زمن أمي وجاراتها ...وأحسست أن الكرك تقع على المتوسط , أو أن غزة تسكن رأس شيحان ...
نصرة غزة لا تعني نصرة وطن غريب أو نصرة جار , أو نصرة فصيل سياسي ..نصرة غزة تعني أن تنتصر لذاتك , فالوجوه هناك عربية , والبحر عربي والنخل عربي ....والبندقية أيضا عربية ...
وكل إمراة (غزية) شاهدتها في التقرير التلفزيوني , أحسست بأمي في عيونها وفي نبرة الصوت وفي لون (اليانس) وفي الصبر الذي يسكن الوجه , وفي الله الذي يحضر في القلب والدعاء ...غزة – برغم الجرح - ردت لنا الصبر والحنين والنصر ...ردت لي أمي
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو