الأحد 2024-12-15 10:37 م
 

"النووي": الدولة حزمت أمرها

02:57 م

يبدو المشروع النووي خيارا أردنيا استراتيجيا لا عودة عنه. فبعد مدة طويلة من تأكيد الدولة، بكل مؤسساتها، رغبتها في المضي قدما في تنفيذ المشروع، باعتباره السبيل الرئيس لتوفير مصدر محلي للطاقة، خطا الأردن خطوة عملية جادة في هذا الاتجاه، بتوقيعه، أول من أمس، اتفاقاً مع روسيا لإنشاء أول محطة نووية، تضم مفاعلين؛ يوفران 2000 ميغاواط من الكهرباء سنويا، وعلى مدى ستة عقود.اضافة اعلان

دعم الدولة للمشروع جاء من أكثر من اتجاه، وعلى أعلى المستويات، تأكيداً لحزم الأردن أمره صراحة، وكما هو مطلوب، بالسير في المشروع بخطى ثابتة. وليبرز هنا خصوصاً لقاء جلالة الملك بمدير عام شركة 'روس أتوم' الروسية، والذي التقاه أيضاً رئيس الوزراء د. عبدالله النسور.
رغم ذلك، لا تبدو طريق المشروع النووي الأردني مفروشة بالورود؛ إذ ما تزال ثمة أصوات عديدة، بتعدد أسبابها، مناهضة له. وهو الأمر الذي لا يقتصر على المشروع الأردني، طبعاً، كون إنتاج الطاقة النووية هو قضية خلافية في بقاع الأرض كافة.
لكن يبقى هذا المشروع الحيوي الطريق الأسلم لتحقيق التنمية المستدامة لوطننا الذي يعاني شح مصادر الطاقة المحلية، لاسيما أن إتمامه لن يتحقق إلا عبر استكمال كل الخطوات الدستورية المطلوبة لتنفيذه.
وطالما أن المشروع ماض، والاتفاق مع الروس قد قطع شوطا طويلا وصولا إلى بدء التنفيذ، فقد تمت -بالتالي- الإجابة عن العديد من الأسئلة المطروحة بهذا الخصوص.
فالنفايات النووية، بحسب اتفاق تم توقيعه الأسبوع الماضي، ستتم إعادة تصديرها إلى روسيا؛ إذ هي تحتاج هذه النفايات التي يدخل البلوتونيوم في تراكيبها، لإنتاج الأسلحة النووية. أما موقع المشروع في 'عمرة'، فهو الأنسب والأقل كلفة، بحسب الدراسات التي أعدت بهذا الخصوص. فيما يبقى سؤال مصدر المياه الذي يحتاجه تبريد المفاعلات، وهو ما أجابت عنه وزارة المياه، بتأكيد قدرتها على توفير 30 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي لهذه الغاية.
بعد ذلك، يصبح التمويل هو النقطة الأهم والمفصلية بشأن تنفيذ المشروع من عدمه. وفي هذا السياق، يجري العمل على توفير التمويل من شركاء غير عرب على الأغلب، بعد تراجع دول خليجية عن المساهمة في المشروع، لأسباب ليست معلومة.
أما بشأن كميات مخزونات الأردن من اليورانيوم، فما تزال القضية غير محسومة، علماً أن الأرقام الأولية تشير إلى وجود حوالي 40 ألف طن في باطن الأرض الأردنية، وتحديدا في المنطقة الوسطى، فيما تحتاج المحطتان المزمع إنشاؤهما نحو 400 طن فقط سنويا.
النقطة الجوهرية التي يفترض أن تعطي الضمانة لمن لا يرغب في وجود طاقة نووية في الأردن لأسباب تتعلق بالأمن والسلامة، تتمثل في حقيقة عدم وجود تجاوزات على صعيد القضايا الحساسة. يسمح بتأكيد ذلك أن الإجابات عن الأسئلة المتعلقة بهذا الشأن، وضمنها الحلول الفنية الصحيحة، ليست مطلب الجماعات المناوئة للمشروع فحسب، بل هي كذلك مطلب المؤسسات الدولية، وعلى رأسها الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تفرض شروطا لا تتنازل عن تنفيذها في مواجهة أي دولة كانت.
من هنا، فإنه يبقى ضرورياً العمل محلياً على تثقيف الرأي العام الأردني بشأن ضرورة المشروع النووي الذي تتعدد مصادر تأخيره، والتي من بينها الأسباب المالية، لكن يظل أبرزها العقبات الإقليمية المتعلقة أساساً برفض إسرائيل امتلاك الأردن لمفاعلات نووية، وسعيها الحثيث بالتالي إلى إجهاض مشروعنا الوطني.
يبقى التنويه إلى أنه وخلافاً لمقولة البعض بأن 'الأردن يذهب إلى الحج والناس راجعة' على صعيد الطاقة النووية، فإن الحقيقة المؤكدة هي أن كثيرا من الدول، وبينها دول متقدمة، ما تزال تمضي في إنشاء محطات نووية لتأمين احتياجاتها من الطاقة تحديداً. فاليوم هناك قرابة 72 محطة قيد الإنشاء في العالم، تتوزع على كوريا الجنوبية والصين والهند والولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا، إضافة إلى دول إقليمية بينها إيران وتركيا والإمارات العربية المتحدة ومصر.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة