الوكيل - من قال: 'كما تكونوا يُولَى عليكم..' فقد صدق، على الأقل فيما تعكسه الحالة الأردنية المتفردة عبر هذا التشابه اللصيق بين الشعب وحكوماته المتعاقبة، وإلاَّ فكيف لنا أن نرى وزراء ومسؤولين كبار لا يدخلون إلى مجالس الوزراء والأعيان والنواب إلاَّ ببدلاتهم الجديدة فيما أحلامهم وتطلعاتهم وأدوات قياسهم للأمور ونظرتهم للمسائل العامة، لا تتعدى تلك التي يتعاطى بها ومن خلالها المواطن العادي البسيط الذي يتفوق أحياناً في كل ذلك على صاحب الدولة والمعالي.
عَبَر هذا الخاطر مرة إلى مخيلتي وأنا أرى وزراء يجيبون على السؤال الصعب مثلاً... كيف وقََّعت على محضر اجتماع الكازينو والاتفاقية الشهيرة .. بالقول' أنا داري؟!' ثم يتذكر هيبته التي ضاعت فيحاول لملمتها جاهداً ليضيف.. الصحيح الكل وَقَع.. وبعضنا وقع وهو مش داري..'.
صاحب إحدى محطات البنزين التي سارعت إلى تعليق يافطات تقول' لا يوجد لدينا بنزين' مستبقاً قرار محتمل بزيادة الأسعار ليضمن فارقاً معقولاً بين سعر الكمية التي يختزنها وما سيجنيه عند بيعها بالسعر الجديد.. أجاب بذات الإجابة.. لماذا تُغلق وأنت لديك مخزون جيد يكفي لأسابيع..؟ ' أنا داري.. ما الكل بفكر هيك وفي غيري أغلق محطته'!!.
ما الفرق .. لا شيء..
ثم ماذا عن المسؤولين الذين يقضون جُل نهاراتهم في نصب الكمائن وتوضيب الفخاخ لكل من يعارضهم أو لا يتفق مع آرائهم السديدة، أملاً بالبقاء إلى الأبد في المنصب، دون منافس أو رقيب.. فيُعبئون رأس الرئيس وينفثون في إذن الكبير، لكل ما من شأنه إبعاد الأخطار المحدقة بمصالحهم؟!.
أو ليسوا على تطابق تام مع أولئك الموظفين الصغار الذين يمضون حياتهم العملية في نصب المؤامرات ورسم الخطط لاستبعاد كل من يبرز من الزملاء أو يُثبت (رُغماً عنه) موهبة أو إبداعاً، فلا يُغمض لهم جفن حتى يُزال الخطر.!؟.
وماذا عن الوزراء المُزمنين الذين يستبقون أي مشروع إعلامي أو واجهة صحفية بالتلويح ترغيباً وترهيباً بعدم الاقتراب حتى من توجيه أي نقد مهما كان, لوزارته ورؤيته اولطلته البهية وإلاَّ فأذنوا بنار الوزير!!
ألم يتهم وزير حديث صحفي كتب بمهنية معقولة عن وزارته بأنه مندس ويمثل 'أجندات خارجية' من شأنها الإضرار بمصالح الوطن ومقدراته وخطط نموه، ثم عبر وزير آخر بنعومة عن عتبه على صحفي انتقد أداء وزارته ثم كلف مدير مكتبه بالاتصال بالصحفي ليخبره أن فرصة العمل في الوزارة تنتظر ابنه الخريج الجديد...
بماذا يختلف الموقف عن ما تعاملت به إحدى شركات القطاع الخاص التجاري عندما عاملت أحد الصحفيين بأقسى المعاملة ووجهت له سيلاً من الشتائم وكالت له التهم لمجرد أنه غطى لصحيفته حالة تجاوز في تلك الشركة؟!
ما الفرق.. لا شيء..
أسأل نفسي وأنا أتابع بعض جلسات مجلس النواب (الحالي) وخصوصاً تلك التي تأخذ منحاً عملياً بالتوجه نحو الشتائم واللكم والتصارع اللفظي والبدني، وكل تلك السلوكيات التي بتنا لا نتذكرها منذ أن كانت صوراً متكررة في الأحياء الشعبية.. ما الفرق؟!.
هي ذاتها، بل لعل تلك (الطوش) البرلمانية أوقع وأكثر غرابة أذا ما اقترنت بسادة عرضوا في حملات انتخابية مُكلفة عن إمكاناتهم وسيرهم الذاتية وخلفياتهم الثقافية ليتم انتخابهم ممثلين للشعب..
'أنا داري' ؟!
كلنا نقولها حين نجد أنفسنا في موقع العاجز عن الإجابة عن دواعي الخطأ الذي نرتكبه.. لماذا نترك اللحوم البلدية والمواد التموينية الأساسية في أيادي محتكرين يتاجرون بقوت الناس، ثم نتوجه لنقد الحكومة ونرمي بأكياس المحارم الفارغة من نوافذ سياراتنا المسرعة، على الشوارع ونحن نستمع في مذياع السيارة حديثاً عن البيئة نسارع إلى تغييره لأغنية ؟!
'أنا داري' ؟!
ثم لماذا نُسرع، ونعتدي على الطريق بتجاوز خاطئ، ونتعمد نسيان حزام الأمان ونقضي مشاويرنا ونحن نتأبط جوالاتنا بعد أن أصبحت شبه مجانية وندخن ونتناول ساندويشا سريعاً في نفس الوقت، ثم عند لحظة الحقيقة حادثاً كانت أم مجرد مخالفة، نوجه اللعنة نحو الشرطي والإشارة والمطب والسائق الذي أمامنا والآخر الذي بجانبنا... ونقول ' أنا داري' .. كيف حدث هذا؟!
نشتري كل ما تسقط عليه أعيننا ليلة رمضان ولا نبقي على شيء، ثم نعود للحديث عن وضعنا الاقتصادي قبل أن نلقي بنصف طعامنا اليومي في الحاوية المجاورة.. ثم نقول: 'أنا داري' .. ما الكل هيك، وبعدين حط راسك بين هالروس..'
' أنا داري' ؟!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو