كم هو سهل هذه الأيام أن تتخذ مواقف عدمية رافضة لكل شيء ومشككة في كل شيء، فهذه هي البضاعة الرائجة في هذا الزمان التي يبيعها كثيرون لأن لها مشترين كثيرين أيضا !
والأصوب في اعتقادي – مع أنه الأصعب – أن تشجع نقاط الضوء الإيجابية مهما كانت ضئيلة وتحتفي بالإنجازات مهما كانت متواضعة.
ولأننا نعيش ظروفا غير مسبوقة في تحدياتها، فإنه من الأيسر جدا أن تتخذ مواقف حدية أو عدمية رافضة لكل شيء، فالوضع العربي يمر بأصعب ظروفه وأحواله ويواجه أشد تحدياته.
ويبدو أن الشهور المقبلة ستحمل المزيد من التطورات الصعبة للغاية على بلداننا ، فالسفارة الأميركية ستنقل إلى القدس المحتلة بعد أقل من شهر من الآن بكل مايعنيه ذلك من استفزاز لمشاعر العرب والمسلمين. كما أن دولا عربية عديدة تواجه تحديات وجودية وتكاد الفوضى تلتهمها من كل حدب وصوب. أما عن تمزق الصف العربي فحدث ولاحرج ، فقد استعصى هذا الداء على كل الحلول حتى الآن.
في ظل هذه الأوضاع، كم هو سهل أن تدبج قصائد الهجاء أو الرثاء للواقع، فكل ماتحتاجه من حجج واسانيد موجود بكثرة على أرض الواقع. ولايحتاج الأمر إلى عبقرية فذة لكي تنهل من ذلك المورد من السلبيات الذي تعج بها الأرض والسماء.
إن التحدي الأصعب في هذه الظروف هو إيجاد نقاط ضوء إيجابية – مهما ضئلت – وتشجيعها وتشجيع من يتخذون خطوات صحيحة حتى لو كانت صغيرة ومتواضعة أمام هذا الكم الهائل من السلبيات.
فإن يقول الأردن مثلا إنه مع الحل السياسي في سوريا بعد يوم واحد من ضربة عسكرية قامت بها ثلاث دول غربية فإنه أمر ينطوي على شجاعة سياسية ورؤية مسؤولة للأوضاع، إذ أنه يرسل رسالة من خلال هذا الخطاب مفادها أنه ضد العدوان وضد العنف والقتل والتدمير، وهي الوسائل التي يتخذها كثيرون وسيلة لحسم الأمور حتى في داخل سوريا.
إنه من الأسهل بلاشك على أصحاب الأصوات العدمية أن يقولوا أن الوضع العربي ضعيف ومفكك وأن كل المواقف لا ترقى إلى مستوى التحدي، ولكن هذا القول لا يعترف بشجاعة بلد كالأردن إتخذ موقفا أدبيا مسؤولا في الوقت الصعب، كما أنه لايشجع غيره من البلدان
على إتخاذ مواقف جريئة ومسؤولة.
وبمعنى آخر، فإن من يشجع الخطوات الصغيرة الإيجابية هو من يملك القدرة على تطوير الواقع الصعب في الإتجاه الإيجابي أم أصحاب الأصوات العدمية السوداوية فإنهم لايفعلون شيئا سوى وصف واقع نعرفه جميعا ولكنهم لايفعلون شيئا حقيقيا لتطويره وتغييره.
ويمكن أن يقال الشيء نفسه بالنسبة للقمة العربية التي اختتمت أعمالها في المملكة العربية السعودية الشقيقة منذ أيام، فليس بخاف على أحد أن تلك القمة عقدت في أحلك وأصعب الظروف. وكم هو سهل على أصحاب المواقف العدمية أن يقولوا إن القمة لم تفعل هذا الأمر أو ذاك، فالقاصي والداني يعرف أن تحقيق الوحدة العربية مثلا هو أغلى أحلامنا جميعا. ولكن الحريصين على تشجيع الإيجابيات مهما صغرت يمكنهم القول إن مجرد إنعقاد القمة في هذا الوقت الصعب هو بحد ذاته نجاح للعرب وللمملكة العربية السعودية الشقيقة.
يضاف إلى هذا، فإن إطلاق اسم القدس على القمة يعد أمرا ذا مغزى كبير، فإنه يقول للعالم إن القدس في ضمير كل عربي، وأن مصير أي تآمر على المدينة المقدسة سيكون الفشل لأنها محمية في قلوب وصدوركل العرب، وأن العرب قد يختلفون على كل شيء
وعلى أي شيء، إلا أن قلوبهم تلتقي عندما يتعلق الأمر بالقدس التي أجمع القادة على أنها عاصمة الدولة الفلسطينية شاء من شاء وأبى من أبى.
كما أن تأكيد القمة على أهمية الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس يعد حدثا مهما لايراه العدميون الذين يريدون كل شيء أو لاشيء. ويدرك المتابعون أهمية هذا الإجماع العربي في هذا الوقت بالذات الذي كان الأعداء يتنظرون فيه إستثمار أية إشارات تدل على فرقة عربية أو منازعة لاسمح االله ليحققوا من خلالها مآربهم بالإستفراد بالقدس.
سنبقى نشجع الإيجابيات مهما صغرت في هذا الزمن الصعب الذي تسهل فيه المواقف العدمية والسلبية. فالسلبيات ملقاة على قارعة الطريق، أما الكلمة الإيجابية المسؤولة فهي الأصعب ولكنها الأجدى في هذه الظروف الصعبة.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو