تبرعات مدرسية «إجبارية»!

كان أول يوم في دوام الوزارة الجديدة، حمل الطلاب لآبائهم خبرا غير مفرح، بعضهم تمارض وقال إنه لن يذهب إلى المدرسة، آخرون تجرأوا وباحوا بالسر: المعلمون طلبوا من الطلاب بالمدارس الحكومية دفع الرسوم التي يسموها تجاوزا «تبرعات!» طبعا المدارس بدأت منذ نحو شهر ونصف الشهر، ولم يأت احد على ذكر التبرعات، اتصلت بي أم لثلاثة أولاد، شكت وبكت وولولت، الأسرة تعيش على معونة من صندوق المعونة، تسألني بحرقة: شو فطنهم بالتبرعات الآن؟ عيدية للوزارة الجديدة مثلا؟ لم أستطع أن أجيب، فليس لدي علم، ولكنني وعدتها أن استوثق من الخبر، ثم ما لبثت أن اتصلتْ مؤكدة الخبر، بعد أن سألت الأقارب والجيران، قالت لي أن الأسر اعتادت أن يتم إعفاء الأولاد من «التبرعات» القصرية خلال السنوات الأخيرة، فما الذي جد هذه السنة؟ هل تحسنت ظروف الناس مثلا، أم زادت حاجة التربية لكرم الأسر المتعثرة؟اضافة اعلان


لاحقا، قرأت أن طلبة المدارس الحكومية ينتظرون «عطفا» رسميا لإعفائهم من التبرع للدولة، الغريب كما علمت، أن الطلبة الأردنيين هم فقط من طلب منهم «التبرع» أما الطلبة العراقيون والسوريون فهم معفون من التبرع!

تعليمات وزارة التربية والتعليم تنص على استيفاء مبلغ ثلاثة دنانير من كل طالب في المرحلة الأساسية، وأربعة عن المرحلة الإعدادية، وستة دنانير للمرحلة الثانوية، يضاف إليها خمسة عشر قرشا في كل مرحلة للهلال الأحمر..!

بالمناسبة، وحسب نشرة مالية حكومية رسمية على موقع www.mof.gov.jo

+ دفع الأردنيون (أو تبرعوا قصرا وجبرا!) 11.9 بليون دينار ضريبة مبيعات ما بين 2004 و 2011. و 3.9 بليون دينار ضريبة دخل ما بين 2004 و 2011.

+ مجمل دعم السلع والمحروقات ما بين 2004 و 2011 لم يتعد 27% من حصيلة ضريبة المبيعات لنفس الفترة..

+ البند الأهم في ميزانية النفقات زاد بتسعة أضعاف نسبة التضخم في 2007 وستة اضعاف النسبة في 2006.

+ الدين الحكومي: 15 بليون دينار (72% من الاقتصاد) في منتصف 2012 مقابل 7 بليون (89% من الاقتصاد) في 2004.

يعلق جواد عباسي في مدونته «ركن الحرية» قائلا: ندفع كثيرا.. لكن الجهاز الحكومي تلزمه حِمْية... جوعوا الوحش البيروقراطي، مشكلة الأردن ليست الخصخصة والتحرير بل الفساد في ملفات الخصخصة والتحرير. مطلوب حوكمة راشدة تحفز الاقتصاد، الناتج المحلي الاجمالي الاردني: 20 بليون دينار في 2011 مقابل 8 بليون في 2004. مطلوب حكومة متقشفة.. لا حكومة مبذرة، اقتداء بما تنتهجه الآن الأسرة الأردنية، في ظل هذه الظروف الصعبة!