بقلم ... كفا علي الدرابيع
يوم أن كان كل واحد منهم يقلب صفحات كتبه بأنامل مضطربة خوفا من اللاوصول وأملا بالوصول في ذات الوقت ,كان علي منعزلا في غرفته التي اتخذها قاعدة ينطلق منها إلى عالم الإبداع والتفوق,فلطالما تراءى له المستقبل في حلته البهية وهو يرتدي عباءة التميز, لبرهة قليلة راح يرتع بخياله الواسع مشاهدا ذاته برداء ابيض, يجلس خلف مكتبه, يعاين المرضى ويعالجهم ,غير أن صرخة لا بل صرخات من الخارج شقت ذاك الصمت ,فكانت أهات أمه ونشيج بكائها وظلم والده المستمر علقما يصبغ حياته بطعم المرارة ,فهذا المشهد دائم التكرار بالبيت وهو بهذا الحال ضاق ذرعا ,وقرر أن يرتدي الثوب الأبيض قبل أوانه .
علي عمرو ,ابن الثانوية العامة ,(18) عاما ,انهى طريقه في الحياة قبل أن يبدأها ,فالمشاكل العائلية جعلت نسيج بيتهم اوهن من بيت العنكبوت على ما يقولون ,. أمضى على شهادة وفاته ليتناول جرعات كبيرة من الدواء معلنا انتحاره ,تقول والداته فاطمة (40) عاما وقد احتضنت صورته وراحت تقبلها بشفتين يابستين اشتاقتا إلى ملامسة جبين الولد وفي عيناها رجوع إلى الماضي 'عندما اطل برأسه إلى هذا الحياة, كان وجهه كالقمر الذي يضئ ليلة عتماء , لقد كان قدومه سعادة حقيقية بالنسبة لي .كان بكائه بمثابة عزاء أداري به ألمي ,واستحمل لأجله ضرب زوجي المبرح الذي لاتعرف الرحمة إلى قلبه سبيلا أبدا.لم تسعفها دموعها المنهمرة كشلال يصب مياهه في قوة وحدة ,على مواصلة الحديث ,حضنت الصورة بقوة وراحت تضغط عليها وتنشج نشيج طفل سرق احد منه دميته .
خيم الصمت دقائق ماهي بالقليلة وعادت توصل ماانقطع من حديثها قائلة 'كنا نعاني من مشكلات عائلية بشكل مستمر ,لم يعرف بيتنا طعما للفرح والسعادة يوما واحدا ,لقد عشنا حياة عنوانها الضرب والحزن والأسى ,وكثيرا ما طردني زوجي من البيت وأجبرني على مغادرته بحجة انه يكرهني .وان زواجه منى كان رغما عن انفه ,ولكنني كنت ارفض لأجل لأولادي ,لقد كان خوفي عليهم نارا في داخلي تشتعل .وكثيرا ما طلب علي مني أن اصبر واحتسب ,,اذكر انه قال لي مرة 'عندما أتفوق في التوجيهي واجتاز الجامعة اعدم يا أمي أن أعوضك عن هذه الحياة خيرا .
وتردف الأم حديثها وقد ارتسمت على شفتها بسمة قصيرة العمر سرعان ما اختفت :جاء في آخر يوم من الامتحانات التجريبية وقال لي أن علاماته هي الأعلى وان مدرسيه يتوقعون أن يكون من أوائل مدرسته ,لقد كان في عجلة من أمره لدرجة انه رفض أن يأكل معنا إلا بعد أن يقطع جزءا غير قليل من المادة .ومنذ تلك اللحظة زادت أمور العائلة سوءا ,لدرجة انه م من ليلة مرت إلا وكان الجيران يتسامرون على اصواتنا . وزوجي ينغص علينا وعلى الأولاد حياتهم .
أما ذاك الزوج الذي اشترت علية أصابع الاتهام فقد كان صامتا .ساكنا لا يقوى على تحريك يده لهول المأساة التي وقعت بسببه .نظرت اليه ام علي وقالت :ذهبت في الصباح لايقاذه عند الثلاثة فجرا لكنه لم يستيقظ اقتربت منه فكان جسمه باردا برودة الثلج وحوله علب دواء فارغة .وهنا فزع قلب الأم وتلاحقت نفاسها وكان ها تحتضر قالت بصوت كسته رجفات خوف وحزن لقد ما ,منتحرا ,ذهبت الأم في نوبة لوم تحمل فيه نفسها عن موت فلذة كبدها ,
علي الطالب المجتهد الذي لطالما برح به الشوق الظامئ كما قالت أمه وشهد له مدرسيه بمستقبل يكون فيه ملك لا بل ملاكا .لكن الرياح تأتي بما لاتدرك السفن ,قد يشيب الولدان حسرة وغما وهو يرون أصلابهم وترائبهم يتعاركون وينفضون عنهم غطاء الهناء والسعادة .قالها على بموته هذا لأبيه وأمه وكل العائلات التي تعاني الألم ذاته ...أبي أمي .. 'كنت هنا '
[email protected]
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو