الأحد 2024-12-15 10:54 م
 

رسائل متضاربة: كيف نفهمها؟!

01:23 ص

في الوقت الذي يعلن فيه رئيس الوزراء د. عبدالله النسور، عن توجيهات ملكية بتعديل قانون محكمة أمن الدولة بما يتناسب مع التعديلات الدستورية الأخيرة، وبخاصة المادة (101) منه؛ نقرأ في اليوم التالي خبر اعتقال ناشط في إربد وتوقيفه، ثم اعتقال الناشط المعروف معين الحراسيس وتوقيفه، بتهمة 'تقويض النظام'؟!اضافة اعلان


لو وضع الرئيس نفسه محلّ المنظمات الحقوقية والسياسية الدولية، وحتى المعارضة الداخلية، أو المراقبين والكتّاب والمعلّقين، فأيّ رسالة سيلتقط؟ هل هي التي تنبثق من تصريحاته؛ أي أنّ الأردن يصرّ على الخط الإصلاحي، فيتجه إلى مزيد من الحريات العامة واحترام حقوق الإنسان، بينما نرى في عواصم عربية إعلاناً لحالة الطوارئ، وفي أخرى الدمار والفوضى؟!

بالطبع، هي رسالة في منتهى الذكاء في دلالتها وتوقيتها، لكنّها اصطدمت مباشرةً بما حدث في اليوم التالي من اعتقال وتوقيف لـ'حراكيين' جدد! ما ضرب مصداقيتها في الصميم؛ إذ أثار الشكوك لدى الأطراف الأخرى، في المعارضة والمنظمات الحقوقية، بشأن مصداقية هذه الرسالة وجديّتها.

كيف يمكن فكّ هذه الطلاسم والأحجيات؟! فهل الاعتقالات والتوقيفات التي تمّت بعد تصريحات رئيس الوزراء، هي رسالة للمعارضة تدعوها إلى عدم التمادي في التفاؤل بهذه التصريحات، بخاصة بعد أن أصدر حزب جبهة العمل الإسلامي بياناً رحّب فيه بهذا التوجّه؟ أم هي رسائل موجّهة إلى الرئيس نفسه، بأنّ هذا التوجه غير مقبول من مراكز قرار أخرى في البلاد؟!

التأكيد على التوجّه الذي أعلن عنه الرئيس، كان يتطلب، بالضرورة، أن نرى في اليوم التالي إطلاقاً لسراح معتقلي الحراك الذين تمّ تكييف التهم الموجهة إليهم ليحاكموا أمام محكمة أمن الدولة، رغم أنّهم معتقلون سلميون، يطرحون شعارات سياسية، ولا ينتمون لتنظيمات مسلحة وإرهابية، ولم يسجنوا بداعي المخدرات، ولا تزييف العملة، ولا الخيانة العظمى؛ هذا ما كنا نتوقعه، بل ما يفرضه المنطق البسيط، لا أن نشهد اعتقال آخرين!

الرسائل المتضاربة تبدو أكثر سفوراً في حديث وزير التنمية السياسية، خالد الكلالدة، عن إطلاق حوار سياسي مع القوى المختلفة، وفي مقدمتها حزب جبهة العمل الإسلامي. وهو التصريح الذي رحّب به الإسلاميون، مؤكدين استعدادهم للحوار بدون شروط مسبقة، واستعدادهم لجدولة مطالبهم الإصلاحية؛ ثم في اليوم التالي مباشرةً تبرز قضية ابني زكي بني ارشيد، وكأنّها رسالة مضادة تماماً لهذا التوجه!

لا نتحدث (هنا) على الصعيد القانوني؛ فهنالك بالفعل قضية قانونية بشأن خلاف مالي (تمّ حلها)، وقضية أخرى ارتبطت بحيثيات محاولات توقيف ابن بني ارشيد البكر، أنس. إنّما مدار الحديث هنا يتعلّق بالشق لسياسي والإعلامي، وتعامل المسؤولين مع مثل هذه القصة، والرسائل التي ربما يفهم منها بني ارشيد والإسلاميون أنّها 'عقابية' له على خطه المعارض.

أمام هذه الرسائل المتضاربة، نريد بالفعل أن نعرف ما هي أجندة الدولة وسياستها تجاه الحريات العامة وقانون محكمة أمن الدولة، ومصداقية ذلك وجديّته واقعياً. نريد أن نفهم، بصورة واضحة، ما هي الأجندة تجاه جماعة الإخوان المسلمين؛ هل هي ما نقرأه في تصريحات وزير التنمية السياسية، أم ما يسرّبه الإعلام المرتبط بالدولة، أم أننا أمام أكثر من أجندة رسمية؟! وكيف ستردّ الحركة الإسلامية أو القوى المعارضة على هذه الرسائل الرسمية الملتبسة المتضاربة؟!

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة