رسالة إلى بطلٍ موهومٍ مجهول

تمشي على سحبٍ من دخان ..وتظنّ خطواتك ثابتة ..ولا تفتح عينيك لترى أين تضع القدمين ..وتصرّ اصراراً عجيباً على أن سقوطك و دعثرتك وبعثرتك هي بسبب الطريق ..!

انتبه قليلاً ..حدّقْ في هذا العالم ..تعرف أن الساعة التي تمضي لن تعود ..كل ساعة بشيبة جديدة ..وكل يوم بمرضٍ جديد ..وكل أسبوع بحلمٍ يقتلونه تحت نعليك الرديئين ..وما الشهور إلا بعض حوائجك للادبار..!

قرأتَ تاريخَ العرب..وشعرتَ أنك أحد أبطاله الخالدين ..لكنك قرأته من زاوية من كتبوه و (زوّقوه) ونسيت يا حرّ قلبي عليك : أن التاريخ يكتبه المنتصر ..لذا اختفى التاريخ الآخر عنك ؛ بل أخفوه عنك و عن كل الأبطال القادمين ..وحين تدعثرت به في الصدفة ..لم تصدق أوّل المعلومات ..ومع دمعة على خدّك وغضب يستبدّ بك ؛ قلت كي لا تصدق : مؤامرة ..!

لم يتآمر عليك سواك ..لم يتزور إلاّ خطاك ..لم يسقط في الفهم الكاذب إلاّ مشاريعك ..ولم يهرب من وجه قضيته -كما يقول مظفر النواب – إلاّ أنت..! لا تركن أن التاريخ سيستقيم دونك ..ولا الأرض ستعود خضراء دون سقياك و ترتيباتك وإن جاءها المطر وداهمها البرق و الرعد ..!

عُدْ إليك ..و اطرد هذا السحاب وجرّه إلى مصباح علاء الدين ..واغلق عليه جيداً ..لأنه سحاب كاذب ؛ يعطيك خرائط لا توصلك لا لحُلم ولا لحبيبة ولا لمجد ترتجيه ..! هذا السحاب دخان دخان ..يشكّل تحت قدميك رصيفاً من فراغ ..يخدعك بالألوان و المناظر الخلابة..نفخة واحدة عليه يطير و يحطم في طريقه كلّ مستقبلك ..!

كي تكون أنت ولا أحد سواك ..خذ حمّاماً دافئاً ..واجلس بعدها على قمة جبل قريب..راقب بحياد ..و خذ قسطاً من السرحان ..قلّبْ الاحلام و التاريخ ..غربلْ ما استطعت ..و افتح عينيك لكل الجهات و امضي للمستقبل رغم كلّ الحفر ..!

إني بانتظارك حين تعود..ومعي كل أشباهي الذين تعرفهم..