الخميس 2024-12-12 11:21 م
 

ستعود علب الناشد

08:59 م





في الزمن الجميل كان الحلو المعروف هو علبة التوفة المعدنية أو(الناشد)، وكانت من أجوّد الصناعات الوطنية، وبما أن المرضى والولادات وخريجي المترك والعرسان كانوا بالآلاف، فمن المفروض أن الشركة المصنعة لهذه الحلوى تنافس اليوم شركات مارس وسنكرز وببلي العالمية بالإنتاج. الشركة بعد أن طرحت أول إنتاجها بالأسواق وبيع بشكل كامل حفزها ذلك الطلب غير المسبوق لزيادة الإنتاج، لكن لم تبع بعد الدفعة الأولى من إنتاجها علبة واحدة. اضافة اعلان


اجتمعت إدارة الشركة لبحث تلك الكارثة الاقتصادية، درسوا الأسعار فوجدوها مناسبة جدا، بحثوا في جودة الحلوى فوجدوا أنها من أجود الاصناف العالمية. جُنّ جنونهم، وبعد بحث مستفيض اكتشفوا أن الأردنيين الذين اشتروا أول إنتاج المصنع من علب التوفة وقاموا بإرسالها هدية لغيرهم كانت الفاجعة أن من تم إهداؤهم تلك العلب لم يستهلوكها ولم يفتحوها ولم يوزعوا منها شيئا بل احتفظوا بها لمناسبة أخرى، وهكذا انتهت صلاحية العلب وهم يتناقلونها من مناسبة إلى مناسبة ومن ولادة إلى ولادة ومن طهور إلى طهور وكان فقط يتم تغيير غلاف الهدية الخارجي، لم يذكر أي مصدر تاريحي أو شاهد عيان أنه تم فتح علبة توفة واحدة، وكان الحرص من الجميع على أن تخبّأ لمناسبة أخرى ، حتى أصابها العفن والصدأ.

وأذكر أن إحدى العلب دخلت بيتنا وخرجت أكثر مما دخل طيران التحالف الرقة وخرج، وبسبب ذلك انكسرت الشركة وأغلقت أبوابها لأن إنتاجها لم يتذوقه سوى مدير المصنع ومشرف المختبر بينما باقي الشعب كان فقط يحمل العلبة، وصدقني لو وضعوا بداخلها بدل حبات الحلوى حبات مخدر لما اكتشفها أحد لأنها كانت الوحيدة في ذلك الوقت التي من المحرم فتحها حتى لو تم إهداؤها لمدير مكافحة المخدرات!


بعض المرشحين للانتخابات النيابية مثل علب الناشد تلك، لليوم نتناقلهم من انتخابات إلى انتخابات ولا نغيّر لهم سوى قانون الانتخاب من الخارج.


مديونيتنا أصبحت مفزعة، ومرافق الدولة أصابها الصدأ، وهؤلاء هم من راقبوا وأقروا ووافقوا على كل قوانين وموازنات الدولة السابقة!


عقود ونحن لم نفتح علب التوفة حتى أغلقت الشركة أبوابها، ولليوم لم نفتح مع هؤلاء المرشحين ما قدموا وأنجزوا خلال كل تلك السنوات التي كانوا فيها نوابا حتى أصبحنا في كارثة اقتصادية!


أمام هذا المشهد البائس نحن مقبلون على أربع سنوات أخرى عجاف من عمر الدولة الأردنية، لأن هذا القانون يصلح لدول حزبية قوية وليست عشائرية، ما يزال فيها أبن العشيرة ينصر أخاه ظالما أو مظلوما، لا يعنيه ماذا قدم أو على ماذا وافق أبن العشيرة من قوانين وموازنات المهم أن ينتشي بالفوز لساعات ، ومن ثم سيدفع ثمن ذلك الاختيار لسنوات!

للعلم صحن الكنافة الذي ستبلعه ستبلغ تكلفته عليك بتكلفة رحلة سياحية الى أسطنبول مع الإقامة وجميع الوجبات، فهذا سيوافق على كل قرارات الجباية طوال الأربع سنوات وستدفع ثمنها أنت، فهل من عاقل يصوت لهذا الشخص ويأكل صحن كنافة، أم يختار الأصلح ممن قد يقف ضد تلك القرارات فتسافر بوفر البنزين والغاز والخبز والى أسطنبول مع جميع الوجبات!

من يتخيل أن الحكومة التي يرعبها بوست على الفيسبوك، تقر قانونا يأتي بمجلس نواب يشرع ويراقب ويحاسب حسب الأعراف الدستورية.

بل هي في سكينة وراحة ضمير، ونوم عميق .. فهذا القانون لن يعود إلا بعلب (الناشد ) طالما لانفتح ولا نحاسب !!


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة