الوكيل- مسألتان لا يمكن اسقاطهما من حسابات التحليل السياسي عند التوقف للاستماع مرة اخرى الى الشاب الاردني عدي ابو عيسى الذي خرج قبل اسابيع فقط من السجن بعفو ملكي بعدما اثار ضجة واسعة النطاق عندما أحرق صورة للعاهل الاردني .
ابو عيسى يعترف في نقاش سريع مع القدس العربي بانه لم يستهدف أصلا الملك بصفته رمزا للدولة ولكن كل ما فكر به عندما أحرق الصورة هو الخروج بكل قصدية عن المألوف وافتعال شيء غير عادي حتى يلفت الانظار الى حراك الشارع ودعوات الاصلاح .
الشاب وبعدما أدانته المحكمة بالسجن لعامين قبل العفو عنه لا يبدو نادما وهنا يسجل مفارقة اساسية لا توازيها الا مفارقة أخرى يعبر عنها ابو عيسى وهو يخفف قليلا من لفت الانظار دون ترك الحراك نفسه كما يقول .
ومشهد أبو عيسى كان طوال العام الماضي أحد المشاهد المفجرة للنقاش والجدل في قراءة خارطة الحراك الاردني فكل الذين أدانوا ما فعله الشاب الصغير الذي لم يتجاوز بعد الثامنة عشر من عمره إمتنعوا عن الحفر في أعماق المسألة والإجابة على السؤال التالي : ما الذي يوصل شابا صغيرا بالسن الى مرحلة خطوة انفعالية جارحة من طراز حرق صورة الملك ؟ .
السؤال الثاني المهم : لماذا لا ينتبه قوم السياسة والقرار والمنظرون الى أن شابا من الطبقة الفقيرة يقيم في هوامش العاصمة وصل الى نقطة يقرر فيها منح الحراك الشبابي فرصة التوهج عبر إرتكاب فعل خارج عن التوقعات ؟.
بالنسبة لابو عيسى الاجوبة منسابة وبسيطة فالحاجة ملحة دوما لتوهيج الحراك بأفكار خارجة عن المالوف , وبالنسبة لاخرين يبجث شباب من خارج التنظيمات والاحزاب السياسية ويتملكهم الغضب عن توجهات تعيد إنتاج الحراك وتستقطب اضواء الاعلام .
وأبو عيسى هنا اختار طريقة غريبة والى حد كبير مستنكرة لتحقيق غايته التكتيكية وكان مستعدا للسجن لكن ما لم يتوقعه هو ردود الفعل العنيفة تجاهه من المجتمع والناس ومن الحراك نفسه في بعض الاحيان .
شابة أخرى اقلقت الدنيا عندما عبرت عن غضبها بالدعوة الى تغير نظام الحكم الملكي في منطقة محافظة كمدينة مادبا وفي وسط عشائري .
أخرون في القطاع الشاب اختاروا التصعيد عبر فيس بوك وغيروا في ملامح أغنية تراثية بحيث صيغت بعبارات تتجاوز كل الخطوط الحمراء والمحرمات ولا زال الرأي العام يذكر الناشطة الشابة التي نشرت مقالا ناقدا بقسوة للأمير حسن بن طلال.
أخرون من الشباب الغاضب قطعوا طريقا او أحرقوا الاطارات أو تفننوا في إبتكار الشعارات والهتافات وبعضهم في قرى هادئة ووادعة اقام محاكم صورية عبر عروض مسرحية للنظام ورموزه فيما خرج شباب الاخوان المسلمين مثلا عن طورهم, ومألوف التنظيم عندما أقاموا عرضا شبه عسكري وسط العاصمة في مسيرة أثارت الكثير من الضجة .
وهذه الانفعالات الشبابية غير المنضبطة وغير المسيسة في الواقع قدمت للجميع مناكفين ومعارضين للنظام الاردني من طبقة اليافعين لا أحد درسهم في السابق ولا أحد يعلم خلفية ومصدر وسبب غضبهم وإحتقانهم ولا مصادر التنوير الثقافي لخطابهم السياسي فابو عيسى مثلا يعترف بانه أحرق صورة الملك ليس ضد النظام فقط ولا للفت الانظار فقط ولكن ايضا نكاية بالحراك نفسه الذي تجاهل حادثة إحراق المواطن الاردني احمد المطارنة لنفسه امام بوابة الديوان الملكي.
يقول الشاب : جمعنا العشرات بصعوبة للتضامن مع المطارنة فأحرق الرجل نفسه من الجوع والفقر وفوجئت بان جميع الشباب مساء ذلك اليوم غادروا موقع الاعتصام الى شئونهم الخاصة والعائلية وكأنهم لم يشهدوا للتو الحادثة المفجعة .. أغاظني الأمر وفكرت بما فعلته في اليوم التالي .
اللافت هنا أن نخبة شباب الحراك التي بدأت تسقط الاعتبارات المألوفة والخطوط الحمراء لم تخضع للدراسة والتقييم لا على مستوى مؤسسات الاحزاب التقليدية , ولا على مستوى مؤسسات النظام الرسمي .
واليوم يثبت الحراك الشاب أن عوده يتصلب وانه يميل اكثر الى المواجهة في الايام المقبلة وينصهر اكثر في ترتيبات الربيع العربي وتداعياته .
القدس العربي
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو