الخميس 2024-12-12 10:37 م
 

شركس الاردن يحتجون ايضاً

09:05 ص

مساء الخميس وفي النادي الاهلي،وبحضور عدد كبير،من بينهم مسؤولون سابقون،شاهدنا فيلما عن الابادة الجماعية للشركس،والفلم مؤثر للغاية،ومثير لقضية لايمكن ان ننساها.اضافة اعلان

كل عام يحتج الشركس بشكل رمزي،على المذبحة الروسية،التي تم ارتكابها ضدهم،وادت الى استشهاد اكثر من مليون شركسي من قبائل مختلفة،ولم يبق من تلك المذابح الا اقل من ستين الف شركسي،بقوا في «شركيسيا» آنذاك،مع عدد قليل تمكن من الهجرة.
الجمعة ايضاً،وقف شركس الاردن،امام السفارة الروسية في عمان،احتجاجاً على الالعاب الاولمبية التي بدأت في مدينة «سوتشي» قبل يومين،وهي المدينة التي شهدت اكبر المذابح الوحشية ضد الشركس.
هنا تلعب امم العالم،فوق ارض مغسولة بالدم،وتحت ترابها،مئات الاف الشهداء،وهي رياضة منزوعة الاخلاق،وبلا شرف ابداً.
لافت للانتباه ان شركس الاردن،لا يحتجون على اي قضية داخلية،من زاوية اردنيتهم،لكنهم ايضا لا يفرطون بالتعبير عن قضيتهم القومية،والتي عنوانها الابادة الجماعية،لان الشركس،هنا،لايريدون ان يكونوا طائفة مفصولة عن سياقها العام،وهم يوازنون بذكاء بالغ بين مواطنتهم،من جهة،واندماجهم،وبين الاثارة الرمزية لأساس قضيتهم.
الشركس قوم محاربون،يتسمون بالاستقامة والعناد والحرفية،ولهم دور ايجابي جداً،في المملكة،بل ان هناك اجماعا عليهم،اذ كانوا دوماً مع آخرين،ايجابيين جدا،تجاه مواطنتهم،ولم يسجل عليهم ابداً،اي مساس او خروج عن معنى المواطنة.
في الفيلم الذي شاهدناه،معلومات ووثائق،وخبراء،والقصة مؤلمة،فروسيا التي تورطت بدماء المسلمين من الشركس،فعلت ذات الامر مع الشيشان والافغان والداغستان وغيرهم،وموسكو اليوم،لاتجد من يضغط عليها،لتخرج وتعترف بمذابحها،ولاتتحرك لتعتذر امام العالم،من الجريمة المخزية التي ارتكبتها،قبل مائة وخمسين عاماً تقريباً.
في مفهوم الدول اليوم،تخرج الدول لتعتذر عما فعله الاسلاف،غير ان موسكو لا تفعل ذلك،لانها تعرف ان محو الذاكرة،مهربها الوحيد،من الجرائم التي ادت الى سرقة اراضي الشركس،وقتل مئات الالاف،وتهجير البقية عبر البحر والسفن،وقد استشهد مئات الالاف ايضا في هذه الرحلات،ولم يصل الى تركيا والعالم العربي الا عدد قليل.
موسكو حتى يومنا هذا تتشدد بشكل غير معلن في وجه زيارات الشركس من جنسيات مختلفة في العالم الى ديارهم الاصلية.
كان يقال انك اذا اردت تحرير «شركسيا» وهي المنطقة التي تقع في شمال وسط وغرب القفقاس والتي تضم الشعوب الشركسية،فلابد لك من دهاء الشركس وتخطيطهم وصلابتهم،ومعهم عناد المحاربين من «الشيشان» وقوتهم،ومعهما «الداغستان» لكثرة عددهم.
لكننا نقول اليوم،ان هناك عنصرا رابعا غائبا،لا يفيد لا في حرب ولا في سلم،اي المال العربي والنفوذ السياسي العربي على عواصم مختلفة،من الممكن اجبارها على التحرك للاقرار بحقوق الشركس ومظلوميتهم،فهي حقوق لنا ايضا،تم سلبها ولافاصل بيننا وبينهم.
بيننا هذه الايام بالمناسبة اكثر من الف عائلة سورية،تنتمي الى الشركس،وهؤلاء تم تهجيرهم مرتين،تارة من بلادهم،وتارة من بلادهم ايضا،الاولى من «شركيسيا» والثانية من سورية بسبب الازمة فيها،وهؤلاء بحاجة ايضا الى وقفة دعم منا جميعا،والمحزن هنا ان امكانية عودة بعضهم الى بلادهم «شركيسيا» تصطدم بعوائق كثيرة يضعها الروس في وجوههم.
للمفارقة موسكو ذبحتهم مرتين،ايضاً،الاولى في «شركيسيا» والثانية في سورية عبر الاسلحة الروسية التي تتدفق الى سورية،ولا تفرق بين عربي وشركسي،لا بالتقوى،ولابغير التقوى.
ليس اجمل من التنوع في الحياة،وعلينا ان نتأمل فقط الدول التي حوت تنوعاً،وكيف تفوقت وازدهرت،لانها اخذت احسن مافي الشعوب والثقافات،مثل امريكا وكندا واستراليا واوروبا؟!.
هنا في الاردن،فان نعمة التنوع لايقدرها البعض احياناً،لكنها لاتكون حياة طبيعية،مثل فصول السنة الاربعة،الا اذا كان مجتمعك متحاباً متكاتفاً،فيه تنويعات جميلة تصب باتجاه هوية سياسية واحدة،كما الاردن نموذجاً بين العرب؟!.
خلال الفيلم تم عرض صور جنرالات الروس القتلة الذين تولوا الجرائم بالتعاون مع مأجورين،يسمون «القوزاق» وهم مجموعة أثنية للسلافيين الشرقيين الذين يقطنون بجملتهم السهوب الجنوبية في شرق أوروبا وروسيا،والروس حاولوا احلال «القوزاق» مكان الشركس،واليوم،نجدهم ايضاً يسرقون الزي الشركسي،ويدعون انهم اهل المنطقة،واصحابها.الدم لاينسى،ودون احقاد او بث للكراهية،فان مصيبة الشركس،لايمكن ان يتم محوها،اذ انها ابادة جماعية،لاتختلف عن الابادات الجماعية تجاه شعوب اخرى،فلا الدين ولا..الانسانية،يسمحان،بهكذا جرائم مخزية،يندى لها جبين البشرية.نترحم على ارواح شهدائهم وشهدائنا ايضا،فهذه امة قدرها ان يبقى السيف على عنقها،وان يبقى دمها منسابا.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة