صناعة الإثارة

مرتان في أسبوع ظهر فيهما رئيس هيئة مكافحة الفساد على الملأ , تكفلتا في إثارة الرأي العام وحفيظة الجهاز القضائي وقبل أن تخرج التداعيات عن السيطرة استدرك فوصف «قضية كبيرة « فجرها بفساد إداري لا ينطوي على مال , وسعيا لنزع فتيل معركة صوب تصريحات تعلقت بالقضاء . اضافة اعلان

المهم أن الهيئة عادت لتتصدر اهتمام الرأي العام بعد فترة من الهدوء , أعقبت زخما رافق الحرب على الفساد بإقحام واقتحام ألاف القضايا التي لم تظفر بنهايات ما خلف جدلا حول آلية عمل الهيئة , وجملة من التساؤلات عن التأخير في حسم القضايا ظن فيه كثيرون أن الهيئة قد انتهت فتحول دورها إلى الترشيد والتوعية .
«صناعة الإثارة « نجحت في جلب الانتباه في قضية «ستثبت أهمية وجود هيئة مكافحة الفساد» , لكنها نجحت أيضا في التهيئة لمعركة هذا ليس أوانها.
في كل مرة كان يحمل الإعلام مسؤولية الاستعجال وتداول المعلومات المنقوصة أو الفهم المغلوط , وتوجيه النظر إلى نصف الكأس الفارغ , أما النصف الملآن وفيه التسريبات التي تتدفق من مصادر مختلفة متعددة الدوافع والأغراض , والتصريحات والتشويق فهو غير المذنب .
في فترة ما أصبح الفساد عنوانا لكثرة الحديث عنه وللعدد الكبير من القضايا حتى أنه شكل سببا لدعوات نادت بمحاكمة فترة زمنية حددت بعشر سنوات بينما كان ما سبقها من فترات نظيفة في منهجها وفي شخوصها .
غاية الإنصاف أن نقول بأن الأوضاع الاقتصادية على مدى السنوات العشرة المقصودة كانت أفضل مما كانت عليه قبلها وأفضل مما هي عليه اليوم وإن كانت الإختلالات برزت بعد إندلاع الأزمة المالية العالمية فيجب أن نذكر أن تأثير هذه الأزمة لم يستثن أي من الدول كبيرها وصغيرها فما بالك باقتصاد هش محدود الموارد والإمكانيات.
الفساد لا يختص بنهج أو مدرسة اقتصادية دون أخرى , فالفاسد هو شخص سواء كان ليبراليا أو نيولبرالي , محافظا أو اشتراكيا , فهو لا ينتعش في فترة ويخبو في أخرى , الفرق هنا هو في أجهزة الرقابة التي لم تكن تتنفس في ظل القيود إلى أن تمتعت بمساحة من الهواء في ظل الديمقراطية , وبلغت ذروتها في ظل الربيع العربي.
تقول هيئة مكافحة الفساد أنها تلقت في 9 أشهر أي 270 يوما 1598 شكوى عن قضايا فساد بمعدل 6 شكاوى يوميا , 90% منها كيدي وان 90 % من أشكال وقضايا الفساد في الأردن انتهت .فهل معنى ذلك أن ال 10% المتبقية مسؤولة عن تراجع الأردن 8 درجات في مؤشر منظمة الشفافية الدولية لعام 2013.