سيبقى مشهد ذبح طفل حلب الذي جُزّ رأسه ببشاعة غير مسبوقة علامة سوداء في تاريخ ادعياء النضال من أجل الديمقراطية، وهو ما قامت به مجموعة من رجال أحد التنظيمات السورية التي توصف بالاعتدال 'تنظيم نور الدين زنكي' المحسوبة على ما يسمى بالجيش الحر، حيث قام أحد رجال التنظيم بجز عنق الطفل بالسكين على ظهر شاحنة وسط تهكّم مجموعة من القتلة وتندّرهم بالصبي الذي لا يتجاوز 12 عاما، الصبي الفلسطيني اتهم بالقتال في إحدى المجموعات الموالية للجيش السوري وتم اقتياده من أحد أحياء مدينة حلب إلى هذا المصير المرعب.
مشهد من بين أكثر المشاهد بشاعة في تاريخ القتل العربي حيث يمعن القاتل في جزّ عنق الطفل على مدى نحو نصف دقيقة ثم يأخذ رأس الضحية ويرفعه للأعلى وسط هتافات قتلة يتلذذون بهذه الوحشية التي يدشن بها العرب توقهم للديمقراطية وحقوق الانسان!
بعد فصل طويل من ممارسات التنظيمات المتحاربة في سورية التي توصف بالمتطرفة دخلت المعارضة الأخرى التي توصف بالمعتدلة على الخط نفسه وأثبتت بهذا الشريط أن بعضها لا يقل تطرفا وهمجية عن التنظيمات الظلامية الاخرى، فهذه التنظيمات لا تبني أوطانا ولا تحمي مجتمعات ولا تبعث قيما، قد تحتاج المجتمعات العربية والمسلمة إلى هذا الحريق القادم من الداخل ليولّد قوة الصدمة لكي تكتشف هذه المجتمعات حجم الظلامية التي تحيا بها وتدافع عنها لكن قوة الآلام من جهة والتطبيع معها فاق كل تصور.
في لحظة من التاريخ تصاب ليس النظم السياسية وحدها بالجنون بل تصاب مجتمعات بالجنون وتنتج في عثرة من الزمن قوى مهمتها القتل وصب الهوان على البشر أصيبت بهذا الداء روما في لحظة من التاريخ كما هو الحال الذي أصاب النازية والفاشية، ولكن هل ثمة تبرير أن يكون وقود النضال من أجل الديمقراطية أو حتى اي فكرة دينية مهما كانت نبيلة او متطرفة هو القتل البشع للأطفال وكل هذا التشريد والحرمان لجيل بأكمله يتم اجتثاثه في هذا الوقت بكل أعصاب باردة ومن قبل طرفي الصراع.
لا يوجد لأطفال سورية ذكريات تربطهم ببلادهم التي ابتكرت فيها أول أبجدية في التاريخ؛ لا ذكريات بمدارسهم ولا بأصدقاء وزملاء ولا ملاعب سوى ذكريات القصف والرصاص والخوف اليومي الذي يلاحقهم في كل مكان في مخيمات اللجوء وفي بلداتهم وقراهم الممزقة.
الصورة الثانية من العالم المتمدن المصاب بالهلع من الآخر وجنون القوة وقعت في مدينة ميامي حينما تلقت الشرطة بلاغا الأسبوع الماضي عن شخص يحمل بندقية ويهدد بها بالقرب من مصحة نفسية، هاجمت الشرطة المكان حيث وجدت شخصا في الثالثة والعشرين من عمره يحمل دمية اعتقد أنها بندقية وإلى جانبه يقف معالجه النفسي الأسود الذي يحاول أن يقنعه بالعودة إلى المصحة، فما كان من الشرطي إلا أن صوّب نيرانه على الرجل الأسود وأوقعه مصابا، وحينما سُئل الشرطي لماذا أطلقت النار على الرجل الأسود الذي لا يحمل شيئا، قال: لا أعرف! بمعنى أنه في لحظة ما قد يكون القتل على اللون أو الهوية ومن قبل المؤسسة الرسمية التي يفترض أنها تحتكر القوة في أكثر دولة مدنية في العالم.
العالم يقاد إلى مصير مظلم عنوانه القتل المتوحش، فيما نزداد يوما بعد يوم تطبيعا وتعايشا مع مشاهد القتل التي تزداد بشاعة وظلامية.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو