طلبة مؤتة ينعون زميلهم

حيدر المشاعله العجارمة

و كنت أرآه دائماً ببسمته المتجدلّة كخيوط الشمس
بشخصيته الرقيقة الهادئة ....و بسموه المرتبط بهامات ذكائه ....بنسائم حسّه المحببّ إلى القلوب كيف لا و هو الذي دائماً ما يصطاد علامة 'الامتياز' و كأنّها سيقت إليه بخضوع و خشوع سواء بتحصيله الدراسيّ أو بأدبه الذي أهداه إياه ربّ الأنام.

ذاك الشخص الذي تحلّى بكل أخلاق الرجال , كنت كلّما أراه أرى فيه براءة شرقيّة تدفعني بإرادتي ولا إرادتي لأقف أمامه في كل مرّة لألقي التحية و أبادر بالسؤال عن أي شيء , فكان ((أي شيء )) منه تدفعني لأمارس يومي بقمة تفاؤلي .

كان من ذوي الوجوه المميزة جدّاً باسمه الرّنان كيف لا و قد ارتبط اسمه بحب حبّ رسول الله قبل أكثر من ألف عام , كيف لا و قد استشهد احبّ اصحاب رسول الله هنا على أرض مؤتة الباسلة.

و من بعدها لتلتفّ السنين ببراعم الشوك التي ظنناها وروداً
ليستشهد 'أسامة' صديقنا هنا شهيد العلم و القلم ,شهيد مؤتة الجديد .

ما ذنبه و بأي ذنب قُتل

هو كان طالباً للعلم لكن ليس في صين بعيدة أو في دولة عدوة أو دولة شقيقه
إنّما أتى طوعاً إلى حضن أمّه مؤتة ليرشف العلم منها فكان هو الأحق بها و كانت هي الأفخر به .
و اليوم كان ميعاده الأخير معها فلطالما افتخر مزهواً بها،منتمياً إليها لائذاً بها بحثاً عن سعادة علم يتشبّعها أو نظرية يطبقّها في مشروع تخرجه الأخير.

فرحمة الله عليك أسامة فأنت الآن في ذمّة الله , ولست بصدد أن أفجر سؤلي حول هويّة القاتل ,لكن يكفينا حزناً أن نعلم أنّك قد رحلت إلى هناك.

و نعدك أنّا سنمارس كفاحنا ..فمن اليوم أصبح وجودنا دونك كفاحاً في هذه الكليّة التي توشحت السّواد ...و دونك خاوية هي على عروشها .

فيا أيتها الثكالى ..كفكفن الدمع ،و يا أمّه الحنون ...ابنك اليوم في ذاكرتنا جميعاً و في قلوبنا و سيبقى اسمه مدوناً فينا
و هنا في هذه الأرض التي أسميتها اليوم 'أسامة '.
يا أمّه ...صبراً عليك ....فعلى أسامة الدمع جائز ,لكنّه لو كان بيننا لابتسم و قال : كفكفن أدمعكن , و ابتسمن .
يا أهله سلوان ربّي عليكم ...إنّها إرادة الله ...اصطفاه شهيداً للعلم , وتذكروا حديث الرسول_صلّى الله عليه وسلّم :((من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة)) إلى الجنّة يا أسامة بإذن الله.

إنّا لله و إنّا إليه راجعون.