الخميس 2024-12-12 02:37 م
 

عرض أزياء "بغداد فاشن شو" يوجه رسالة للعالم بأن "العراق ما زال على قيد الحياة"

01:37 م

الوكيل - احتضنت العاصمة العراقية بغداد الجمعة عرض أزياء هو الأول في نحو ثلاثة عقود، يدغدغ ذكريات الزمن الجميل في بلد يشهد تزايد التشدد الاجتماعي وعنفا يحصد المئات شهريا. وقال المصمم سنان كامل إنها 'رسالة نوجهها للعالم بأن العراق ما زال على قيد الحياة'.اضافة اعلان


يجلس أبو مصطفى وزوجته بكامل أناقتهما على كرسيين متلاصقين في قاعة في فندق الرشيد، أفخم فنادق العاصمة العراقية بغداد، ويتابعان على وقع الموسيقى الشرقية عرض أزياء عراقيا مستوحى من العروض الغربية، هو الأول لهما منذ نحو ثلاثة عقود.

ويدغدغ العرض النادر الذي أقيم الجمعة ذكريات الزمن الجميل الذي طبع بغداد الماضي ويتيح لجيل من الشبان والشابات الذين حضروا بكامل أناقتهم وتسريحاتهم العصرية، اكتشاف جماليات تكتنزها بلادهم التي تشهد منذ أعوام طويلة تزايد التشدد الاجتماعي وعنفا يحصد المئات شهريا.

حضر الزوجان إلى العرض الذي أقيم في قاعة فارهة ذات سقف مرتفع في فندق الرشيد، بعدما ألغيا كل التزاماتهما. وارتدى أبو مصطفى، وهو في العقد الرابع، سترة سوداء ولف ذراعه حول كتف زوجته الشقراء التي ارتدت سترة خمرية اللون مطرزة بزهور زرقاء، وحملت هاتفها الخليوي ذي الغطاء الزهري المماثل للون طلاء أظافرها.

وقالت السيدة: 'هي المرة الأولى نحضر فيها عرضا للأزياء في بغداد منذ العام 1988، عندما كانت تجمعنا علاقة حب'. تضيف والابتسامة لا تفارق وجهها: 'أتينا لنرى (...) نحب عرض الأزياء والتصاميم (...) تحضرنا قبل أسبوع، ألغينا مواعيد، وتفرغنا للعرض'.

ويعقب أبو مصطفى: 'الوضع الأمني أثر على كل شيء (...) الشعب العراقي يحب هذه الأشياء. هو شعب متطور، لكن يراد له فرصة فقط'.

وسعى المصمم العراقي سنان كامل من خلال عرض الجمعة لنقل تجربة العروض العالمية، واختار له اسما غربيا هو 'بغداد فاشن شو 2015'. وقال كامل (35 عاما) خلال الافتتاح: 'قبل ثلاثة أشهر، كان هذا حلما واليوم صار واقعا'. وأضاف إن العرض 'محاولة أن نصل إلى العالمية'.

وامتلأت القاعة بنحو 500 شخص بينهم أزواج وشبان وشابات، القاسم المشترك بينهم هو الأناقة في اختيار الملابس والزينة وتسريحات الشعر العصرية. ولم تتخل غالبية الحاضرين عن هواتفهم الذكية لالتقاط الصور أكانت شخصية (سيلفي) أو للعارضات، منذ دخولهم الفندق حتى انتهاء العرض.

واختالت العارضات وعددهن 16 على منصة على شكل حدوة حصان بزوايا حادة، أحيطت بستة صفوف من الكراسي الحمراء المخملية. وقدم المصممون وهم شاب وخمس شابات، فساتين متعددة الألوان من الأحمر اللامع إلى البنفسجي مرورا بالأسود المخملي والأبيض. وقد زين بعضها بعقود من اللؤلؤ أو ربطات على مستوى الصدر والكتفين. كما تضمن العرض فساتين سهرة مرصعة وملابس جاهزة مستوحاة من الكوفية الفلسطينية والشماغ العربي الأحمر والأبيض.

خلف الكواليس، امتزج التوتر الناتج عن كون العرض هو التجربة الأولى للعديد من المشاركين، بمشاعر الفخر والفرح. واختلط قيام العارضات بوضع الماكياج والتعديلات الأخيرة على الملابس، مع التقاطهن الصور والبحث عن حلى ضائعة.

عند المدخل، تنفس أيمن سلطان حاجم الصعداء بعدما قدم مجموعته. وقال هذا المصمم الهاوي البالغ من العمر 30 عاما 'حققت حلما'، مضيفا بفخر وابتسامة 'أشعر أنني منتصر، على نفسي وعلى المجتمع'. وكان حاجم وهو من مدينة البصرة (جنوب)، قال خلال تدريب على العرض الأسبوع الماضي، إنه يواجه 'نظرة الناس لهذا الاختصاص، إنه اختصاص نسائي' وإنه يتحدى 'مجتمعا كاملا'.

وخلال العقود الماضية، كان معتادا في بغداد رؤية نساء يرتدين تنانير قصيرة وملابس أقرب إلى الأسلوب الأوروبي المتحرر. إلا أن هذه العادات تبدلت مع تزايد التشدد الديني ودخول البلاد في حروب ودوامات عنف، ومعاناتها من حصار اقتصادي خانق دام نحو 13 عاما.

وتواجه العارضات نظرة مريبة من المجتمع. وكانت بعض المشاركات أبلغن وكالة فرانس برس أن غالبية أقاربهن، لا سيما الآباء، لا يعرفون بأنهن سيشاركن في العرض. كما تخفي بعض عارضات الأزياء (من غير الهاويات) طبيعة عملهن عن عائلاتهن.

وواجه العرض انتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، لتنظيمه في وقت يواجه العراق أعمال عنف يومية. وانتقد البعض إقامة العرض في وقت تخوض القوات العراقية معارك ضارية لاستعادة بعض المناطق من تنظيم 'الدولة الإسلامية'، أحدثها معارك مدينة تكريت التي لا تبعد عن بغداد سوى نحو 100 كلم، والتي انطلقت في الثاني من آذار/مارس.

إلا أن مشاركين في العرض رأوا فيه فرصة للتغلب على الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، وإظهارا لجمال بغداد الذي يخفيه دمار الحروب. وتقول زهراء العارضة ذات العينين الخضراوين: 'صحيح أننا نعيش ظروف حرب، لكن تجربة كهذه تخرجنا من جو الحروب والدمار'.

وكان كامل أكد خلال الافتتاح أن العرض 'هو أهم رسالة نوجهها للعالم بأن العراق ما زال على قيد الحياة'.



فرانس 24 / أ ف ب


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة