بالرغم من محاولة بعض الإعلاميين التخفيف من حدّة الصدمة، وتجميل فضيحة اليوم الأول لانتخابات مجلس الشعب المصري، وظهور محاولات رسمية لرفع نسبة الاقتراع كيفما اتفق، لإيصالها في بعض اللجان إلى 10 %، باعتبار ذلك إنجازاً عظيماً؛ إلاّ أنّ الأرقام المتداولة حتى من قبل لجان الاقتراع، وإلى مرحلة ما بعد الظهر، كانت تشير إلى عدم وصول نسبة المشاركة إلى 3 %.
بالضرورة، ستحاول السلطات المصرية تحسين نسبة التصويت، بأيّ طريقة كانت، عبر اليوم الثاني (أمس). لكن القطار فات على هذه اللعبة المكشوفة. ومن يرصد الصحف العالمية، بخاصة الأميركية منها، يدرك تماماً عدم وجود أي اهتمام ولو بسيط جداً، بهذه الانتخابات، باستثناء بعض التقارير التي تتحدث عن فشلها وما تعانيه من فقدان المصداقية!
أصبحت هذه الانتخابات الهزيلة دليلاً دامغاً على فشل تجربة ترميم النظام السلطوي العربي، وعدم جدوى الثورة المضادة التي قادتها عواصم المعسكر المحافظ العربي، للرجوع بعقارب الساعة إلى وراء!
فعلت الدول العربية المحافظة كل ما تستطيع من أجل دعم السيسي: شيك مفتوح لأنصاره ومؤيديه، ليصل الدعم إلى عشرات المليارات من الدولارات (هذا هو المعلن!)؛ إعلام عربي ومحلي مفتوح إلى أقصى مدى لدعمه وشيطنة المعارضين الإسلاميين ومحاولة تبرير كل ما يقوم به؛ دعم دبلوماسي هائل لتبرير الانقلاب على العملية الديمقراطية والعودة إلى النظام السلطوي.
لكن النتيجة هي أنّ المواطنين اكتشفوا اللعبة بعد عام واحد على تنصيبه رئيساً، ووجدوا أنفسهم مرّة أخرى أمام عودة للنظام السلطوي وللفاسدين، بأشكال وعناوين جديدة مختلفة؛ كما للإعلام المرتزق المدجّن، وللسياسة الانتهازية (من يأخذ يرضى، وإلاّ سيتحول إلى معارض)؛ وجهاز أمني قمعي؛ وتنمية وهمية، وأرقام فلكية حول التحسن الاقتصادي في مقابل تراجع مرعب في مستوى حياة المواطنين.
ثم أتت مسرحية الانتخابات النيابية التي كان الهدف منها ردّ الاعتبار لتلك اللعبة التقليدية السلطوية؛ أي إدارة الانتخابات مع التحكّم الكامل بالنتائج، وتحديد مقاعد المعارضة السياسية، ومحاولة توليد لون إسلامي مقبول سلطوياً (حزب النور السلفي) لملء الشاغر الديني في البرلمان!
في النهاية، الخدعة انكشفت، والحيلة انفضحت، واللعبة انتهت. فالناس الذين تمّ الزجّ بهم في معركة وهمية مع جماعة الإخوان المسلمين؛ عبر تحريض شديد وتشويه وشيطنة لهذه الجماعة خلال مرحلة حكم محمد مرسي، من خلال أدوات محلية وإقليمية، ثم حشرها في مربع مكافحة الإرهاب (بالرغم من إصرارها على السلمية)، هم أنفسهم -أي الناس والمواطنون المصريون- الذين انتهوا إلى النتيجة الصحيحة، بأنّ 'الخلّ أخو الخردل'، وأنّه من العبثية بل الغباء الشديد المشاركة في مسرحية شبيهة بمسرحيات نظام مبارك!
ارتكبت قيادة الإخوان المسلمين أخطاءً استراتيجية خلال مرحلة مرسي، وأظهرت جشعاً تنظيمياً للسيطرة على السلطة، ولم تنتبه إلى حجم الألغام في طريقها، فبرزت مهارتها في الوقوع في حقل الألغام وارتكاب الأخطاء، وخسرت جزءاً كبيراً من قاعدتها الشعبية. كل ذلك صحيح، لكنها لم تكن جماعة إرهابية ولا فاسدة. ربما خطؤها القاتل أنّها لم تدرك طبيعة المرحلة الانتقالية، ولم تقرأ الأجندات الأخرى، ولم تتجاوز الاعتبارات التنظيمية إلى الاعتبارات الوطنية الواسعة.
لو وقف السيسي عند الانقلاب العسكري، وقرّر أنّ مهمته التخلص من 'خطر' هيمنة 'الإخوان' على الدولة المصرية، وسلّم السلطة لتيار مدني يؤمن بثورة '25 يناير'، لما عدنا إلى المربع الأول الحالي، ولما رجعت مصر إلى شروط الاحتقان واليأس والفشل السياسي!
هل سيتعلم العرب الدرس؟! أطمئنكم: لا؛ فهناك محترفون في تزوير الحقائق، يرضون رغبات الحكومات ويزينون لها الفضائح بوصفها إنجازات أو مسارات طبيعية (أي 'عنزة ولو طارت'!)، طالما أنّهم يترزقون من هذه المهنة!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو