شعار اسقاط النظام-الذي تجرأ البعض على رفعه مؤخرا- يثير فزع الاردنيين لمجرد الحديث فيه ولو في اطار المزاح، وما من مزاح في مستقبل الوطن، لا خوفا من المحاسبة كما يحدث في بلدان اخرى حين يختفي اشخاص لمجرد انتقادهم للنظام، وانما خوفا على البلد وعلى الدولة الاردنية التي لا تكون بدون هذا النظام وبدون الحكم الملكي الهاشمي، وهذه الثابتة باتت من قناعات الاردنيين الراسخة غير القابلة للنقاش، بل ومن قناعات سواهم من العرب وغير العرب الذين يدرسون الحالة الاردنية بعناية كلما تحركت الاوضاع في الشرق الاوسط، ففي السنة الماضية وصل الى الاردن عشرات الباحثين ومن يسمون انفسهم تارة بالصحفيين وتارة أخرى مجرد مهتمين بشؤوننا ومستقبلنا وغالبا ما يتعمد هؤلاء الالتقاء بالمتشددين من المعارضة وحتى ببعض الحاقدين على النظام ولكل اسبابه، ومع ذلك جاءت نتائج بحوثهم واحدة كما ظهرت في تقارير بلدانهم التي تصدر سنويا، فالاردن حالة متميزة بالاجماع على بقاء النظام رغم عمق الاختلافات حول شكل وطبيعة ومستقبل عملية الاصلاح، وعلى هذا يتفق المعارضون والموالون, الراضون والغاضبون، أما من يرفع شعار اسقاط النظام فمجرد حفنة لا تلقى القبول ابدا عند اي مكون اردني.
امس الاول تحدث جلالة الملك في هذه المسألة بالذات، ولأول مرة تختبر مشاعر الاردنيين الحقيقية امام الملك الذي تحدث عن شعار اسقاط النظام وكأنه يتحدث عن حادثة عابرة لا تعنيه الا لغايات التوضيح فقط، ومع كلمات الملك الواثق من مكانته بين ابناء شعبه تحركت مشاعر الحضور في مشاهد نتذكر بعض ملامحها من طفولتنا في اوائل سبعينيات القرن الماضي عندما تجرأ البعض على النظام آنذاك, وفي لحظة واحدة بات السؤال على كل لسان (هل حقا هناك من يرفع شعار اسقاط النظام في الاردن ؟) بدا الأمر هذه المرة مختلفا لان الملك ورأس النظام هو الذي يتحدث في الشأن الذي بقي من التفاصيل التي لا يحب الاردنيون تذكرها او ذكرها، ذلك ان البعض من القلة القليلة جازف برفع شعار كهذا ولكن ليس بدوافع وطنية كما ثبت لاحقا، وانما بتعليمات وتوجيهات اريد من ورائها اختبار قدرة النظام على تحمل حتى الطيش احيانا بل أكثر من هذا بكثير فقد اريد للنظام ان ينتقم ولو بهراوة او حتى صفعة، ثم سرعان ما جاء الرد بالافراج عن جميع المعتقلين على خلفية قضايا تتعلق بالتطاول على ثوابت الدولة، او ما عُرفوا بمعتقلي الحراك، وقد لا يعرف الاردنيون حقيقة ان بعض هؤلاء هم الذي رفعوا شعار اسقاط النظام، ثم هاكم رد النظام على أخطر الاساءات واكثرها عداء له.
اسقاط النظام في الاردن ليس خيارا من بين مئات الخيارات، فجميع الاردنيين سواء كانوا في الموالاة او المعارضة يتشددون في حرصهم على النظام السياسي، واللافت ان الخلاف احيانا يكون في درجة الشعور بالقرب من النظام وتفاوت هذه المسافة بين هؤلاء واولئك، ويفاجأ المرء احيانا حين يكتشف ان للحركة الاسلامية-التي تواجه الدولة في عنادها ازاء الانتخابات القادمة - علاقات دافئة مع النظام ومع جلالة الملك، وامس الأول تصدرت قيادات الحركة الصفوف الاولى وهتفت لنقاء الحديث الملكي وشفافيته وصراحته ولتحذيراته ايضا، صحيح ان اختلاف وجهات النظر باق في هذه المرحلة، لكنه باق الى جانب المودة ورصيد كبير من الاحترام، فما من حواجز لا يمكن تجاوزها، ولا خلافات غير قابلة للتفاهم حولها إن لم يكن الآن ففي الصفحة التالية من تاريخ بلدنا العظيم هذا.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو