الإثنين 2024-12-16 12:17 ص
 

فضائيات برسم الانحطاط

06:08 م

المحطات العربية الشاملة للأسف ومنذ انطلاقها عام 1994 حتى اليوم تتسابق في إنتاج نسخ مقلدة من البرامج الغربية الموجهة للمشاهد تتلخص في مسابقات لإنتاج مغنيين بُلهاء لا يفعلون سوى الغناء لترقص جماهير الشباب على إيقاعاتها وتتمايل الأجساد على أنغامها ، فمنذ انطلق برنامج «سوبر ستار» لحقه برنامج مبتذل «ستار اكاديمي» ليتبعه « آرب أيدل» ، ولا يزال الحبل على الجرار لمزيد من البرامج التي تستهدف المراهقين والشباب الذين أصيبوا بهوس ومرض متابعة «أبطالهم»، في طريقة هي الأكثر شيطانية في كسب المال ، مقابل إنحدار المجتمع وتعهير أخلاقه ، ونسيان قضاياهم الحقيقية. اضافة اعلان

وعلى الرغم من تهافت القنوات الفضائية على تقديم عروضها للمشاهد العربي حسبما تراه من وجهة نظرها ، فإن المحطات الفضائية والمشهورة منها في عالم البث الفضائي قد احتلت مكانة خاصة في بيوتنا ، فهي تحصد المشاهدة الأعلى في البيوت ، وتلتصق بها أعين المشاهدين من مختلف أعمارهم ، ومع هذا لا نجد في برامجها ما يدعونا للإشادة به سوى القليل من البرامج التي تخدم الأسرة وتحافظ على المستوى اللائق بها لمخاطبة أجيال المستقبل والنشء الذي حطّم قيود التفكير للمعتقد التقليدي ، واتجه الى التقليد واللهث وراء الصرعات التي تقدمها قنوات عربية دون التزام بآداب وخصوصيات الأسرة العربية ، فالعالم شرق وغرب غزا الفضاء ونحن لا يزال الفضاء يغزونا .
قد لا يدهشنا ، ولكن يدعونا للتساؤل تخصيص قنوات البث الفضائي لكل ما ينتجه قطاع السينما والتلفزيون الأمريكي تحديدا ، فلا يمر أسبوع إلا وتجد هناك فيلما يتحدث عن « الإرهاب العربي» أو الاسلامي ، ويزج بالأسماء العربية بمناسبة وبغير مناسبة ، وتحظى أفلام مصاصي الدماء والبشر المتحولين على نسبة عالية من البث والمشاهدة معا ، وكل ذلك مقابل نسبة تقترب من الصفر لأي برامج تحفز التفكير العلمي أو التهذيب النفسي أو تشجيع الأعمال التطوعية لدى الأطفال والمراهقين الذين يتم استهدافهم بالكم الهائل من الإعلانات للمنتجات الاستهلاكية التي ساهمت بشكل كبير في تغيير النمط الاستهلاكي لدى شعوبنا .
لا ندهش لأننا نعلم أن من يسيطر على الكم الأكبر من قطاع السينما والإعلام في الولايات المتحدة وحدها هم مرتبطون بالصهيونية، لذلك فإن فيلما عالميا مثل «آلام المسيح» الذي أخرجه الممثل العالمي « ميل جبسون » لاقى هجوما عنيفا من المنظمات اليهودية والصهيونية ، بينما لم نسمع من هيئة أو منظمة عربية واحدة أنها اعترضت أو احتجت على فضائية عربية تبث أفلاما تظهر العرب على أنهم إرهابيون أو متخلفون ، بل انها تبث أفلاما تشيد بالصهيونية وتظهر معاناة اليهود واضطهادهم ، ولم نجد برامج توجه للغرب تعكس الجانب المشرق من الحضارة والثقافة العربية .
اليوم لا تجد فضائية ولا حتى محطة إذاعة لا تصافح أسماعنا ولا أبصارنا بغير الأغاني والموسيقى كل يوم، وعلى الرغم من أن هناك محطات هادفة ، فإن مزامير الشيطان لا يمكن مقاومتها ، وان كانت العولمة باتت مظلة لاقتصاديات بلداننا ، فإن « اللبننة» أصبحت مفاتح ألفاظ لهجات غالبية مذيعات البث الإذاعي والتلفزيوني عند بعض مقدمي البرامج عندنا ، وهذا مرده الى الهوس بالآخر وعدم الثقة بالنفس واستحقار اللهجات المحلية ، تبعه تقليد في اللباس وقصات الشعر لدى شريحة الشباب من الجنسين ، فعروض الأزياء وأحاديث المسلسلات التركية الغريبة في الجامعات ومكاتب العمل دليل مبسط على مدى التأثير الذي تلاقيه منتجات الفضائيات العربية بين أبنائنا وسرعة تأثرهم بما يشاهدونه .
للأسف كانت اجتماعات وزراء الإعلام العرب سابقا تركز على فرض قيود صارمة ضد المحطات الإخبارية ، وتركت انحطاط المنتج الذي تقدمه الفضائيات يزداد انحطاطا وترديا في أخلاقيات الجيل الذي تربى على شاشة التلفزيون ، فمن أفلام العنف ومصاصي الدماء ، الى برامج الهز والرقص حتى برامج التجميل والمكياج، وتركت قضايا النقاش العام حول مشاكل المجتمعات للمراكز الأمنية ودور رعاية الأطفال المشردين والمعنفين ، لذلك يجب على أرباب الأسر القيام بدورهم في ضبط واختيار الأفضل لما يشاهده أبناؤهم .


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة