أكتبها قبل أن تنطلق القمة في مؤتمرها الرئيسي، أي أنني لا اتحدث عن بيانها الختامي ولا عن قراراتها، إنما أتحدث عن اجتماع القمة بحد ذاته، باعتباره خطوة عربية على طريق الأمل الذي فقدناه أو نكاد، بعد انهيار كل المشهد العربي والدولي في المنطقة وحول العالم، ورغم بروز الحاجة الدولية لإعادة ترتيب هذه الكيانات الدولية من جديد، فكثير من العدالة يغيب وكثير من الثقة، الا أن قمة عمان نجحت في إعادة الأمل من جديد على طريق بناء ثقة في المنظمات الدولية وفي العمل العربي المشترك..
نتحدث عن جهود الأردن في قمة عمان التي انعقدت في البحر الميت، على بعد آلاف الأمتار من القدس الشريف، وفي عمق منطقة تتوسط جغرافيا الانهيار العربي، فالأردن يقع في منتصف هذ العالم العربي المترامي الأوجاع والأزمات، وما زال صامدا ويقدم فوق طاقته من أجل العرب وقضاياهم..
معلوماتي عن القمة بأنها قمة عادية ليست طارئة ولا استثنائية، وأنها كان يجب أن تعقد في اليمن الشقيق، لكن أوضاع هذا البلد العربي السيئة حالت دون انعقادها، فلا ظروف ولا أمن ممكنا لانعقادها، وحسب الترتيب الهجائي او غيره تقع الأردن بعد اليمن في هذا البرنامج من استضافة الدول العربية للقمم العادية، فكان الأردن هو الخيار الذي لا نعلم كم كان خيارا منطقيا، فالوقت قصير جدا للترتيب لقمة على هذا المستوى، وكذلك وضع المملكة الاردنية الهاشمية ربما لا يؤهله لمزيد من تحديات والتزامات دولية على هذا المستوى، وإن كانت القمة عادية فهي بالنسبة للأردن أصبحت طارئة واستثنائية، وفجأة؛ تم اقرارها لتعقد في عمان ، لكن الأردن قبل التحدي، وفعل أجمل من المتوقع.
المشاركة من قبل الدول العربية جاءت كاملة تقريبا، باستثناء الشقيقة سوريا التي تم تعليق عضويتها بناء على الحدث العاصف الذي تمر به ونتمنى لها أن تخرج منه مستقرة آمنة موحدة وديمقراطية، بينما حضرت جميع الوفود العربية، ولاعتبارات مختلفة تغيب عدد قليل من الزعماء العرب، وتمت مشاركة دولية واسعة، بوجود ممثلين عن منظمات دولية كبرى ودول عظمى معروفة بضلوعها في ملفات كبيرة في المنطقة العربية، وحين نذكر هذه المشاركات الدولية إنما نحاول أن نلفت عناية المتابع بأن مثل هذه المشاركات ما كانت لتحدث، لو تم عقد القمة في دولة عربية أخرى، والأسباب معروفة للجميع وليس اقلها غياب الأمن أو التوتر في العلاقات الديبلوماسية بين كثير من الدول العربية. ولا نبالغ لو قلنا إن هذه القمة ما كانت لتشهد مثل هذا النجاح في التنظيم وفي المشاركة او تعزيز الأمل بتعاون عربي حقيقي، لو تم عقدها في أي بلد عربي آخر؟..
ما أتحدث عنه متعلق بالجهد الأردني ولا أتحدث عن قرارات قمة مهمة أو غيرها، ولعل أهم ما يذكر بشأن العمل العربي المشترك، هو ما ذكرناه عن صعوبة تحقيق هذا الرقم من المشاركة في القمم العربية بعد الانهيارات الكبيرة التي اعترت أنظمة ودولا عربية، لكن الأردن وبحكم علاقاته المعتدلة مع جميع العرب، وثبات مواقفه من كل القضايا العربية، وتصدره لملف المواجهة مع الكيان الصهيوني فيما يتعلق بالسلام وحقوق الشعب الفلسطيني، وإصراره وثباته في موقفه من الارهاب ومكافحته بكل أشكاله بلا مواربات ولا اجتهادات ثانوية، ومصداقيته في العالم، استطاع أن يحقق هذا الرقم من المشاركة وجذب اهتمام العالم لهذه القمة العربية.
نتحدث عن نجاح الحكومة في تنظيم هذا اللقاء الدولي الكبير، ونجاح مؤسساتها المختلفة في التنسيق وتقديم الافضل على مختلف صعد اختصاص هذه المؤسسات، فالمؤسسة الديبلوماسية الخارجية، على صعيد وزارة الخارجية والسفارات وسائر الممثليات والمنظمات التي يشترك فيها الأردن، قامت بجهود منظمة وسليمة ومميزة في فترة قياسية، وكذلك المؤسسة الاعلامية الأردنية، الرسمية والوطنية، قدمت عملا لافتا للاهتمام، لكن جهود المؤسسة الاعلامية الرسمية كانت الأكثر تميزا، لأن الحدث رسمي سياسي، وقد برع الدكتور محمد المومني في تقديم خطاب ديبلوماسي عقلاني، عمل على تعميم المنطق والمهنية في أداء وسائل الاعلام الدولية المشاركة في تغطية القمة، او تلك التي ترصد أحداثها من الخارج، فلم نشاهد او نسمع أو نقرأ أخبارا مبنية على اشاعات اعتدنا عليها في الأحداث العالمية المشابهة، ويعود هذا لدقة الخطاب و»الجواب» الذي كان المومني يقدمه لوسائل الاعلام التي تسأل وتتقصى.. وهذا جهد ديبلوماسي بالدرجة الأولى قبل أن يكون اعلاميا ، (اقترح ان يذهب المومني للخارجية ليس فقط لنرتاح منه في الاعلام بل لأنه أطال المكوث هنا، وقدم خطابا ديبلوماسيا راقيا خلال هذه القمة، يحمل سمات خطاب الدولة الأردنية للمحافل الدولية، وليس فقط لوسائل اعلام تسأل الحكومة الأردنية..صدقوني انه ينفعنا هناك أكثر.ولا بد سنكتب عنه في الأيام القادمة).
الأردن استغل علاقاته الطيبة مع العرب ومع العالم، وقدم قمة أمل، ما كنا لنشعر به واعدا على طريق العمل العربي المشترك، أو نتوقع أن يحدث في مثل هذه الظروف، لكننا نجحنا في تقديم درس جديد للأخوة العرب، على طريق التعاون والتوحد في وجه هذه التحديات، وهذا ما أجمع عليه كثير من المراقبين المنصفين، الذين سبق لهم توقع هذه النتيجة حتى قبل انعقاد المؤتمر..
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو