الإثنين 2024-12-16 12:03 م
 

كفى ضرائب وقروضا

09:35 ص

يبدو أن الحكومة ستبقى تبحث عن مصادر جديدة للإيرادات. وها هي تفكر حاليا في زيادة الضريبة الخاصة على الحديد والإسمنت بنسبة 2 %، لتصل هذه الضريبة في مجموعها نسبة 10 %.اضافة اعلان

الحكومة تتوقع أن تجني من هذه الخطوة مبلغ 140 مليون دينار، سيساعد في تغطية كلف فاتورة الطاقة التي زادت خلال الفترة الماضية، نتيجة انقطاع الغاز المصري.
وتقدم الحكومة هذه الزيادة لصندوق النقد الدولي كدليل على التزامها بمتطلباته، ولاسيما زيادة الحكومة لإيراداتها.
بعد هذه الخطوة، ومجموعة أخرى من القرارات، ستقترب الحكومة و'الصندوق' من التوصل إلى اتفاق بخصوص إنهاء المراجعة الثالثة والرابعة لبرنامج التصحيح الاقتصادي الذي التزمت المملكة بتنفيذه بموجب اتفاق مع 'الصندوق'.
هذه المرة، استطاعت الحكومة تدبّر أمرها، بأن وجدت قناة جديدة لجني الإيرادات. لكنها بذلك تستمر بالضغط على الأفراد والقطاعات الاقتصادية، وبما يمثل سياسة باتت صلاحيتها منتهية.
قنوات الحصول على مزيد من الإيرادات المحلية، لا تُغلق؛ بيد أن الاستمرار بسياسة الجباية، مع سبق الإصرار والترصد، له ضرر بالغ على معدلات النمو المتوقع للاقتصاد، عدا عن آثارها الاجتماعية الخطيرة، لدورها في تضخيم حالة الاحتقان، نتيجة الشعور بصعوبة العيش. وهو ما يعني أن على الحكومة التوقف عن اللجوء إلى جيب المواطن عموماً لحل مشاكلها المالية.
ثمة باب آخر للحصول على الأموال، لا تتوقف الحكومة عن طرقه، وهو الاقتراض؛ بشقيه الداخلي والخارجي. هذه السياسة أيضاً تعطل النمو، وتؤثر سلباً على وتيرة نشاط القطاعات الاقتصادية على اختلافها، بسبب التنافس غير العادل على التسهيلات المتوفرة لدى البنوك بين الحكومة والقطاع الخاص.
بالمحصلة، الحكومة تجاوزت حدود الاقتراض الآمن، حتى آخر قطرة. وكل ما تسعى للحصول عليه في صورة إيرادات أو قروض، في هذه المرحلة، إنما سيجلب نتائج عكسية، إن لم تكن خطيرة، بكل أبعادها.
المعنى، أنه لم يعد ممكنا الاستمرار في طرق هذين البابين، لتوفير احتياجات الخزينة من السيولة، ومعالجة ارتفاع فاتورة الطاقة خصوصاً، والتي تكلف الخزينة مبلغ 5 ملايين دولار يوميا؛ ولربما ارتفع الرقم أكثر بتزايد اللجوء السوري.
والتفكير المبني على حسابات الأثر، سيوصل إلى هذه النتيجة. فحتى إدارة بعثة صندوق النقد الدولي التي تقترب من إنهاء جولتها الحالية في المملكة، بدأت تتلمس ذلك. ولذلك، نرى مسؤولة البعثة، كريستينا كوستيال، تدعو المجتمع الدولي لتقديم منح، وليس قروضا، للأردن.
على مدى السنوات الثلاث الماضية، استقبل الأردن نحو 650 ألف لاجئ سوري؛ الأمر الذي تسبب بضغوطات كبيرة على البلد ذي الموارد المحدودة، وبما زاد من حجم استهلاك الكهرباء خصوصاً، وضخّم الكلف المالية والسياسية عموماً.
وما يحدث اليوم في الموضوع السوري لا يعدو حقيقة أن الأردن يدفع ثمن مواقف سياسية لدول صديقة وشقيقة إزاء الأزمة السورية، إذ لم يصل حجم المقدم للأردن مستوى الحد الأدنى الضروري لتغطية الكلف المتراكمة والمتزايدة.
الحفاظ على أمن الأردن واستقراره، عنوان يطرحه كثير من الشخصيات العربية والأجنبية، لكن الظاهر أن هؤلاء لا يعلمون أن تقصيرهم في دعم الأردن ماليا، إنما يصب في عكس ما ينادون به؛ وأن ما يقدمونه من أموال لا يرتقي أبدا إلى مواقفهم السياسية كلامياً، عدا عن حجم الإنفاق على التسليح وغيره.
الحكمة تقتضي توقف الحكومة عن سياسة الجباية والاقتراض. والحل هو بقيامها بتحضير درسها جيدا، وإعداد برنامج تقدمه من جديد للمجتمَعين الدولي والعربي، ليقدما ما عليهما للمواطن الأردني الذي تضرر بفعل تأخر حل الأزمة السورية.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة