الإثنين 2024-12-16 12:57 ص
 

للرئيس ..

10:35 ص

اريد أن أكتب للرئيس...
ثمة فارق بين ضبط بيروقراط الدولة , وعقاب بيروقراطها....بمعنى أن هناك فسادا واضحا , وهناك اليات للإرشاد , وهناك منطق في التعاطي مع هذا البيروقراط ..وحفظ هيبته .اضافة اعلان

هل قلت حفظ هيبته ؟ ...أول أمس في جبل الحسين قام أحد موظفي الأمانة بتنفيذ واجب أوكل إليه وهو التفتيش على (البسطات) الموجودة في الشارع - كنت اتسكع بالصدفة في المكان- .. وحين طلب هذا الموظف من أحدهم أن يدخل معروضات محله إلى الداخل ونبهه إلى أن القوانين السارية تمنع استخدام الأرصفة كان رد صاحب المحل عليه :- (كلكوا مرتشين ما أنتو..) .
لم يرد الموظف تجنبا للمشاكل وعبر مسرعا , وسؤالي انقضاض الحكومة على نفسها لم يكن يقع في إطار ترشيد النفقات بقدر ما كان يقع في إطار عقاب الذات وإفقاد البيروقراط الأردني (هيبته) وبالتالي السماح بالتغول عليه , وهذا يفرز نتيجة مهمة وخطيرة هي :- (الفوضى) ...ولو لم يكن هذا الأمر واقعا لما تجرأ هذا الرجل على موظف رسمي أثناء أداء وظيفته.
لو كنا نريد محاكمة الواقع فهل تستطيع الحكومة الحالية بما أنها جادة في ضبط الإنفلات أو مايسمى بالإنفلات ...محاكمة مرحلة التحول الاقتصادي , وبيع مؤسسات الدولة ...هل تقوى أي حكومة قادمة على عقد ورشة عمل وعرض النتائج السلبية ...لو كانت الحكومات جادة فهل العقاب يقع على موظف عاد بسيارة الحكومة إلى منزله بعد يوم عمل شاق أم على قصر شيد بملايين الدنانير الأردنية.... ولم يجرؤ أي أردني أن يحاسب أو يسأل صاحبه من اين لك هذه الملايين حين كان على رأس المسؤولية أوحين غادرها؟
لو كانت الحكومات جادة فهل تجرؤ على محاسبة من أخفى تفاصيل برنامج التحول الإقتصادي ؟
بيروقراط الدولة وطبقة صغار الموظفين وصغار المدراء هي الحلقة الضعيفة في مشروع مكافحة الفساد ...لهذا فالذي يمارس عليها يقع في إطار العقاب والتنفيس ويعطي أخطر نتيجة وهي خلخلة الجهاز الإداري ...بالمقابل يتم التغاضي عن البعض لأن اللعب معهم يؤدي الى نتائج وخيمة.
أريد أن أخبر الرئيس الحالي بأمر مهم!!
أنا من أسرة متوسطة الحال وحين جئت إلى عمان رافقتني أحلام كبيرة وتعبت, ولكني كتبت على أوراق الجرائد وجدان الأردني ونثرت بعضا من عشق حوران والسلط والكرك والجيش على تلك الأوراق ... وكل هذا الشقاء كان وطنيا خالصا وكنت أدرك في داخلي أن هناك قوى سياسية واجتماعية تكره هذا النموذج ولا تريد لنا أن نصعد عتبات الحرف أو الرأي العام ونتدخل في تشكيله.
.... ونحن للأسف في هذه المرحلة نحاسب ..بالمقابل من استفادوا من ميراث السلطة , من كان والده وزيرا ومن كانت خلفه قوى دفع عائلية وسياسية , صعد مركز القرار ..وأسس للخراب الذي نعيشه وسؤالي لماذا ينقلب الرؤساء حين يصبحون رؤساء على إرثهم الإجتماعي وعلى بيروقراط الدولة المشكل من طبقة الفلاحين وابناء العسكر والبسطاء من شعب أطفأت النكبات نواظره وما زال يصر على أن يرى الشمس .
كمواطن بسيط جدا أطلب من الحكومة الحالية أن تحاسبنا جميعا ..ولكن قبل ذلك هل تقوى أن تحاسب مرحلة التحول الى القطاع الخاص ومرحلة التغول على القرار السياسي من قبل رأس المال ؟
أنا خائف وقلق مما يحدث ..وأظن أننا اذا قمنا بتشديد الاجراءات اكثر فسنحصل على نتيجة خطيرة وهي تفكك وتفسخ بيروقراط الدولة باسم ترشيد الاستهلاك وتقنين النفقات وضبط الاجراءات .
ذات يوم قال شاعر العراق العظيم عبدالرزاق عبدالواحد إنه يحمل امنية وهي أن يسمع صوتا من بين ذرات تراب القبر حين يسجى في العراق الحبيب ..وحين يبلله ندى التراب...وتبتسم عيناه للموت وقد ترك ارثا عظيما من الحب والقهر والدم والشعر للعراق ...أن يسمع صوت بلبل عراقي يخبره أن العراق تعافى ....أن العراق تعافى وأنا لكثرة ما صار الدمع في عيني أكثر من دمي أود أن اشارك عبدالرزاق أمنيته وأن ..وكل ما أطمح به بعد رحيل العمر صوت بلبل أردني يخبرني أن الوطن تعافي
..أن الأردن تعافى.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة