الأحد 2024-12-15 09:50 ص
 

للقدسِ ربٌّ وشعبٌ يحمونها

11:04 ص

كيف صمدت القدس الشريف، والمسجد الأقصى تحديدا، في وجه الغزوة اليهودية - الصهيونية الرهيبة؟!
أولا: تحتل القدس والمسجد الأقصى، أهمية كبرى لدى اليهودي في كل زمان ومكان. فبعد كل وجبة طعام، وفي كل ليلة، قبل ان ينام اليهودي، المقيم في استراليا وكندا وأميركا واوروبا وافريقيا واسيا، يختم هو أعضاء اسرته، بدعاء يقول فيه: « شُلّت يميني إن نسيتُك يا اورشليم «.اضافة اعلان

واليهودي يتعبد اليوم عند حائط البراق (المبكى عند اليهودي)، الذي يؤمن بأنه كل ما تبقى من المعبد القديم. كما ان جميع الكُنس في العالم تُبنى ومحرابها يواجه القدس.
ثانيا: تحتل القدسُ الشريف ومسجدُها الاقصى، قبلتُنا الأولى ومسرى ومعراجُ رسولنا الحبيب، مكانةً لا تضاهى ولا تدانى لدى المسلمين في العالم اجمع. وجاء ذكر القدس في القرآن الكريم، بأنها وما حولها، أراض مباركة شكّلت قبلةً للأنبياء ومهبطاً للملائكة والوحي وأن الناس يُحشرون فيها يوم القيامة.
ثالثا: كنيسة القيامة التي هي أقدس الأماكن المسيحية موجودة في القدس، يحج إليها المسيحيون من مختلف أنحاء العالم منذ حوالي ألفيّ سنة، ويقول عنها خبراء ومؤرخون أنها أكثر المواقع احتمالاً بأن تكون قد شُيدت على الجلجثة.
خلال تاريخها الطويل، تعرضت القدس للتدمير مرتين، وحوصرت 23 مرة، وهوجمت 52 مرة، وتمّ غزوها وفقدانها مجددًا 44 مرة وأظهرت احصائية سنة 2000 أن القدس تحوي حاليًا 1200 كنيس و160 كنيسة و75 مسجدًا.
المسجد الاقصى، الذي له عند اليهودي مكانة غاية في العمق الروحي، لان حائطه الغربي حائط البراق، يشكل ثاني أقدس الأماكن في اليهودية بعد «قدس الأقداس. صمد امام شهوة اليهودي واطماعه بفضل وبفعل ضراوة حماية الشعب الفلسطيني له وبفعل السخاء المفرط في التضحيات التي قدمها أبناء فلسطين على امتداد الغزوة الصهيونية الجديدة التي بدأت منذ 100 سنة. ولولا هذا الصمود والمقاومة البطولية لهدم اليهودي المسجد الأقصى ولاقام على اطلاله هيكله المزعوم وابنيته التلمودية الخرافية.
ان الفداء الجسيم والتضحيات طويلة الأمد التي يقدمها شعب فلسطين الجبار، لهو فداء ينوبون به عن امتهم، وبطولات فذة يحمون بها المقدسات، مما يشكل دَيْنا في اعناق الشرفاء الى ابد الآبدين واجب السداد من كل أبناء الاسلام والمسيحية في كل مكان.
ولولا مواجهة شعب فلسطين لموجات الغزوة الاستيطانية التوسعية الصهيونية، لكانت تلك الغزوة الاجرامية، تنازعنا الأرض الأردنية، التي هي ارض إسرائيل في عقيدتهم، والتي كانت جزءا من وعد بلفور الملعون، لولا ان اخرجها المغفور له الملك عبدالله الأول شهيد الأقصى من ذلك الوعد.
كان يوم امس الجمعة، احد أيام الفلسطينيين الجليلة الكثيرة، التي عانوا فيها على مر الزمان، عنتاً وضنكا وشِدَّة وضيقا وكَرَبا، وقدموا خلالها مواكب الشهداء الابرار دون منّة.
وكان يوم امس يوم غضب عارم شامل في كل اقطار العالم الإسلامي، عبر عن نفسه بمسيرات وخطب وبيانات امتلأت بها الفضائيات وموجات الاثير، ومع ان الغضب ضروري كي لا يشعر الفلسطينيون بالخذلان، الا انه تضامن لا يزيد على تضامن شرفاء العالم الأجانب.
العالم مهيأ اليوم ومستعد ومتشبع بعدالة القضية الفلسطينية. والعالم مقتنع الى ابعد الحدود بان وجود إسرائيل في القدس الشريف وفي الضفة الفلسطينية هو احتلال عسكري يمارس ابشع اشكال التنكيل والتعذيب وانتهاك حقوق الانسان وحق الشعب العربي الفلسطيني في الحرية والاستقلال وإقامة دولته الموحدة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
لا يتوقف الهاشميون عن أداء واجباتهم الدينية والقومية تجاه المسجد الأقصى، فقد تبرع الشريف الحسين بن علي، شريف مكة، طيب الله ثراه، بمبلغ 50 ألف ليرة ذهبية، لإعمار المسجد الأقصى ومساجد أخرى في فلسطين، وها هو يرقد في حمى المسجد الأقصى المبارك.
« الفلسطينيون مثل الشجر، كلما قُلِّم نبت «، هذا ما قاله الملك المؤسس عبد الله بن الحسين، طيب الله ثراه، خلال لقائه ونستون تشرشل وزير المستعمرات البريطاني في القدس في 21 آذار 1921م، رافضا وعد بلفور، مصرا على جعل أمر فلسطين بيد أهلها.
وعقب الانتهاء من إعمار المسجد الأقصى، وجد الملك الحسين يرحمه الله أن لجنة الاعمار تعاني من نقص مالي كبير، فارسل إلى لجنة الإعمار بتاريخ 11 شباط 1992، رسالة جاء فيها:
«... فإنه ليسعدنا أن ننقل إليكم تبرعنا الشخصي، مقدماً لهذا العمل العظيم باسم أسرتي الهاشمية سليلة آل البيت وحاملة رسالته. وإذ علمنا منكم أنَّ ما هو متوفر لديكم هو مبلغ مليون ومائتي ألف دينار أردني، فإنني أضيف لهذا المبلغ ما مقداره 8.249.000 دولار تبرعاً شخصياً مني ومن أسرتي الهاشمية».
كان هذا المبلغ هو ثمن بيت الملك الحسين في لندن، باعه عندما علم بحاجة المسجد الاقصى الى المال. فحمل الصديق نبيه شقم رئيس التشريفات الملكية الأسبق «الشيك» ثمن البيت وقدمه الى لجنة اعمار المسجد الأقصى.
وحينذاك كتب الصديق هاشم القضاة: «إنّ من يبيع بيته ليعمر بيوت الله لن يخذله الله ابدا».
ان مسؤوليات ملكنا الحبيب، تجاه حماية المسجد الأقصى ورعايته، تعبر عن نفسها باشكال دعم وحماية متنوعة وسريعة واخرها قبل شهرين أمره بتعيين 223 مرابطا من أبناء القدس وبناتها، ليصبح عددهم 1023 مرابطا ومرابطة، يتولون حماية المسجد من توغل وتغول المستوطنين الإسرائيليين ويقفون سدا منيعا امامهم.
ومعلوم ان الأردن على شح ما لديه لا يبخل على القدس الشريف واوقافها ومدارسها بكل ما هو متاح له من اشكال الدعم المادي والسياسي والدبلوماسي. وقد لمست من حديثي مع الدكتور وائل عربيات وزير الأوقاف مساء امس، العزم على المضي على خطى الملك وتوجيهاته في بيان ان الدفاع عن المسجد الأقصى وحمايته هو واجب وفرض عين ونهج هاشمي واردني وعربي واسلامي.
وقد اثلجت صدورنا الوحدة الوطنية الإسلامية - المسيحية في فلسطين، حين هب أهلنا مسيحيو فلسطين للدفاع عن المسجد الأقصى المبارك مع إخوانهم المسلمين، وهو ما نأمل ان يتحول الى سلوك وحدة وطنية يشمل «الفصائل» السياسية الفلسطينية.
وكي يصبح آخر الليل نهارا، وآخر كل الاحتلالات الى الزوال، يجب ان يتوقف نزف الانقسامات وان تتحقق الوحدة الوطنية لشعب فلسطين العظيم في قطاع غزة والضفة الفلسطينية المحتلة تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينة الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الرئيس محمود عباس- أبو مازن، رغم كل الملاحظات التي يسجلها كل فريق على الاخر: فتح وحماس ومحمد دحلان.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة